كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ أَخَذَ الْمِيثَاقَ عَلَى النَّبِيِّينَ وَأُمَمِهِمْ: مَهْمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ، ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ.
وَهَذَا يَتَنَاوَلُ الْأَمْرَ لِكُلِّ أَهْلِ الْكِتَابِ إِذَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ ثَانٍ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَيَنْصُرُونَهُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ مَا كَانَ، وَلَا يَقُولُونَ: نَحْنُ مُسْتَغْنُونَ بِمَا عِنْدَنَا مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ، لَا نُؤْمِنُ بِالرَّسُولِ الَّذِي جَاءَنَا.
وَنَخُصُّ الْإِيمَانَ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّهُ خَاتَمُ الرُّسُلِ، وَهُوَ آخِرُ رَسُولٍ جَاءَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ، فَوَجَبَ عَلَى مَنْ جَاءَهُ أَنْ يُؤْمِنَ بِهِ وَيَنْصُرَهُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ مَا كَانَ.
وَهَذَا الْمِيثَاقُ أَخَذَهُ اللَّهُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَأَخَذُوهُ عَلَى أُمَمِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} [آل عمران: 83] .
وَهَذَا هُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي أَرْسَلَ بِهِ رُسُلَهُ وَأَنْزَلَ بِهِ كُتُبَهُ، فَمَنِ ابْتَغَى غَيْرَهُ فَقَدِ ابْتَغَى غَيْرَ دِينِ اللَّهِ، وَهُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ، (الَّذِي قَالَ) فِيهِ:
{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] .

الصفحة 81