كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 3)
قَوْلَهُ {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] أَرَادَ بِهِ النَّصَارَى.
وَقَوْلَهُ: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا} [الحديد: 25] أَرَادَ بِهِ الْحَوَارِيِّينَ.
وَقَوْلَهُ: {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} [البقرة: 213] .
أَرَادَ بِهِ الْإِنْجِيلَ] فَإِنَّ فِي هَذَا مِنَ الْكَذِبِ الظَّاهِرِ، وَالِافْتِرَاءِ عَلَى مُحَمَّدٍ بِأَنَّهُ أَرَادَ هَذِهِ الْأُمُورَ، مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ افْتِرَائِهِمْ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّهُمْ أَخْبَرُوا أَنَّ الْمَسِيحَ هُوَ خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَأَنَّ التَّوْرَاةَ وَالزَّبُورَ وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْكُتُبِ أَخْبَرَتْ بِذَلِكَ، ثُمَّ يَأْتُونَ إِلَى مَا يَعْلَمُ كُلُّ عَاقِلٍ أَنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُرِدْهُ، فَيَقُولُونَ: إِنَّهُ لَا يَشُكُّ فِيهِ أَحَدٌ، وَإِنَّهُ قَوْلٌ ظَاهِرٌ بَيِّنٌ، وَكُلُّ مَنْ عَرَفَ حَالَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالدِّينِ يَعْلَمُ عِلْمًا يَقِينِيًّا ضَرُورِيًّا أَنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ يَجْعَلُ النَّصَارَى مُؤْمِنِينَ دُونَ الْيَهُودِ، بَلْ كَانَ يُكَفِّرُ الطَّائِفَتَيْنِ، وَيَأْمُرُ بِجِهَادِهِمْ، وَيُكَفِّرُ مَنْ لَمْ يَرَ جِهَادَهُمْ وَاجِبًا عَلَيْهِ.
وَهَذَا مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، وَهُوَ مَنْقُولٌ عِنْدَهُمْ عَنْ نَبِيِّهِمْ نَقْلًا مُتَوَاتِرًا، بَلْ هَذَا يَعْلَمُهُ مِنْ حَالِهِ الْمُوَافِقُ وَالْمُخَالِفُ، إِلَّا مَنْ هُوَ مُفَرِّطٌ فِي الْجَهْلِ بِحَالِهِ، أَوْ مَنْ هُوَ مُعَانِدٌ عِنَادًا ظَاهِرًا
الصفحة 94
509