كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 3)
[فَصْلٌ: الْمُسْلِمُونَ يُوَافِقُونَ النَّصَارَى فِيمَا كَفَّرُوا بِهِ الْيَهُودَ]
وَأَمَّا مَا نَقَلُوهُ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى كُفْرِ الْيَهُودِ، فَهَذَا لَا نُنَازِعُهُمْ فِيهِ، وَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى الِاسْتِدْلَالِ بِمَا نَقَلُوهُ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا يَثْبُتُ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ مَا يُبَيِّنُ كُفْرَهُمْ لَمَّا بَدَّلُوا دِينَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَمَا كَفَرَ النَّصَارَى لَمَّا بَدَّلُوا دِينَ الْمَسِيحِ، فَهَذَا حَقٌّ مُوَافِقٌ لِمَا أَخْبَرَ بِهِ خَاتَمُ الرُّسُلِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّا قَدْ عَلِمْنَا كُفْرَهُمْ مِنْ جِهَةٍ لَا نَشُكُّ فِي صِدْقِهَا.
وَمَا أَخْبَرُونَا بِهِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ إِنْ عَلِمْنَا صِدْقَهُمْ فِيهِ، صَدَّقْنَاهُمْ فِيهِ وَإِنْ عَلِمْنَا كَذِبَهُمْ فِيهِ كَذَّبْنَاهُمْ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ صِدْقَهُ وَلَا كَذِبَهُ لَمْ نُصَدِّقْهُ وَلَمْ نُكَذِّبْهُ، بَلْ نَقُولُ:
{آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت: 46] .
فَإِنَّ الْإِيمَانَ بِجَمِيعِ مَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ حَقٌّ وَاجِبٌ، لَكِنَّ وُجُوبَ التَّصْدِيقِ فِي النَّبِيِّ الْمُعَيَّنِ الَّذِي لَمْ نَعْلَمْهُ مِنْ غَيْرِهِمْ يَقِفُ عَلَى مُقَدِّمَتَيْنِ:
1 - أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ قَدْ قَالَهُ النَّبِيُّ
الصفحة 95
509