كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)

السَبْعُونَ سَوَاءً كَانَتْ هِيَ الَّتِي هَدَاهَا أَوْ هِيَ الْجَمِيعَ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كَثْرَةِ الرُّسُلِ، وَلَمْ يُكَلِّمِ اللَّهُ أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ مِنْ بَشَرٍ حَلَّ فِيهِ، فَلَوْ كَانَ الْمُكَلِّمُ لِلنَّاسِ فِي عِيسَى هُوَ اللَّهَ، لَكَانَ تَكْلِيمُ اللَّهِ لِلَّذِينِ كَلَّمَهُمْ عِيسَى مِنَ الْكُفَّارِ وَالْمُؤْمِنِينَ أَكْمَلَ مِنْ تَكْلِيمِهِ رُسُلَ اللَّهِ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ.
الْوَجْهُ السَّابِعُ: أَنَّ النَّاسُوتَ نَاسُوتَ الْمَسِيحِ هُوَ مِنْ جِنْسِ سَائِرِ النَّوَاسِيتِ، وَالْإِنْسَانُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَرَى اللَّهَ فِي الدُّنْيَا كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ مُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرَاهُ كَانَ أَنْ لَا يَسْتَطِيعَ الِاتِّصَالَ بِهِ وَمَمَاسَّتَهُ، فَضْلًا عَنِ الِاتِّحَادِ بِهِ أَوْلَى وَأَحْرَى.
الْوَجْهُ الثَّامِنُ: أَنَّ اللَّهَ لَمَّا كَلَّمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الشَّجَرَةِ، كَانَ الْكَلَامُ الْمَسْمُوعُ مُخَالِفًا لِمَا يُسْمَعُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، وَلِهَذَا لَمْ تُطِقْ بَنُو إِسْرَائِيْلَ سَمَاعَ ذَلِكَ الصَّوْتِ، بَلْ قَالُوا لِمُوسَى: صِفْ لَنَا ذَلِكَ، وَهَذَا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ.

الصفحة 10