كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)

أَنَّ إِلَهًا نَالَ عِبَادُهُ مِنْهُ، مِثْلَ مَا تَذْكُرُونَ أَنَّهُ نِيلَ مِنْهُ؟
فَإِنْ تَأَوَّلْتُمْ أَنَّ ذَلِكَ حَلَّ بِالْجِسْمِ، وَلَيْسَ بِالْقِيَاسِ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ لِمَا شَرَحْنَاهُ مِنْ مَعْنَى اتِّحَادِ اللَّاهُوتِ بِهِ، أَفَلَيْسَ قَدْ وَقَعَ بِجِسْمٍ تَوَحَّدَتِ اللَّاهُوتِيَّةُ بِهِ، وَحَلَّتِ الرُّوحُ فِيهِ، وَقَدْ أَنْجَبَهُ اللَّهُ عَلَى مَا تَزْعُمُونَ وَتَصِفُونَ لِخَلَاصِ الْخَلْقِ، وَفَوَّضَ إِلَيْهِ الْقَضَاءَ بَيْنَ الْعِبَادِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ لِلْحِسَابِ، وَقَدْ وَجَدْنَاكُمْ تُؤْثِرُونَ أَخْبَارًا فِي قَوْمٍ عَرَضُوا التَّوَابِيتَ فِيهَا شُهَدَاءُ لَكُمْ بِأَنَّ الْأَيْدِيَ الَّتِي بُسِطَتْ إِلَيْهَا جَفَّتْ، أَوْ هَلْ نَالَ أَحَدًا مِنَ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ وَالْغَمِّ وَالْقَلَقِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَى اللَّهِ فِي إِزَالَةِ مَا حَلَّ بِهِ، مِثْلَ مَا يُحْكَى فِي الْإِنْجِيلِ أَنَّهُ نَالَهُ، وَوَجَدْنَا الْكُتُبَ تُنْبِئُ بِأَنَّهُ نِيلَ مِنْ جُورْجِيسَ أَحَدِ مِنْ كَانَ عَلَى دِينِ الْمَسِيحِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْعَذَابِ الشَّدِيدِ بِالْقَتْلِ وَالْحَرْقِ وَالنَّشْرِ بِالْمَنَاشِيرِ مَا لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ فِي أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ، وَنَالَ خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ تَلَامِذَتِهِ أَيْضًا عَذَابٌ شَدِيدٌ.
وَقِيلَ: لَمَّا كَانَ الْمُلُوكُ الْمُحَارِبُونَ لَهُمْ يَسُومُونَهُمْ إِيَّاهُ مِنَ الرُّجُوعِ عَنْ أَدْيَانِهِمْ إِلَى الْكُفْرِ الَّذِي كَانَ أُولَئِكَ الْمُلُوكُ عَلَيْهِ فَصَبَرُوا عَلَى ذَلِكَ وَاحْتَسَبُوا أَنْفُسَهُمْ، فَلَمْ يَهْرُبُوا مِنَ الْمَوْتِ، وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُهُمُ الْهَرَبُ مِنْ

الصفحة 100