كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)
مِنْهُ فَقَالَ: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ. قَالَ: لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ، فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقَا فَلَمَّا أَفَاقَ) مِنْ صَعْقَتِهِ اسْتَغْفَرَ رَبَّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ، وَتَجَلَّى مَجْدُ اللَّهِ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَرَأَوْا حَوْلَ مَجْدِهِ رَبْوَاتِ الْمَلَائِكَةِ.
وَقَالَ دَاوُدَ: (يَا رَبِّ إِنَّكَ حَيْثُ عَبَرْتَ بِبِلَادِ سِنِينَ تَزَلْزَلَتِ الْأَرْضُ مِنْكَ وَانْفَطَرَتْ مِنْ هَيْبَتِكَ) . وَقَالَ أَيْضًا كَالْمُخَاطِبِ لِلْبَحْرِ وَالْجِبَالِ وَالْمُتَعَجِّبِ مِنْهَا: (مَا لَكَ أَيُّهَا الْبَحْرُ هَارِبًا، وَأَنْتَ يَا نَهْرُ الْأُرْدُنِّ لِمَ وَلَّيْتَ رَاجِعًا، وَمَا لَكِ أَيَّتُهَا الْجِبَالُ تَنْفِرِينَ كَالْأَبَابِيلِ، وَمَالَكُنَّ أَيَّتُهَا الشَّوَامِخُ وَالْهَضَبَاتُ تَنْزُو نَزْوَ الشِّيَاءِ) . ثُمَّ قَالَ كَالْمُجِيبِ عَنْهُمْ: (مِنْ قُدَّامِ الرَّبِّ تَزَلْزَلَتِ الْبِقَاعُ) .
قَالَ: فَإِنْ كَانَ الْمَسِيحُ هُوَ الْأَزَلِيُّ الْخَالِقُ أَوْ كَانَ مُتَّحِدًا بِهِ، فَكَيْفَ لَمْ تَرْجُفْ بَيْنَ يَدَيْهِ الْجِبَالُ وَلَمْ تَتَصَرَّفْ عَنْ مَشِيئَتِهِ الْأَنْهَارُ وَالْبِحَارُ؟ أَوْ كَيْفَ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ آيَاتٌ بَاهِرَاتٌ أَجَلُّ مِنْ آيَاتِ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ مِثْلَ الْمَشْيِ عَلَى مُتُونِ الْهَوَاءِ، وَالِاضْطِجَاعِ عَلَى أَكْتَافِ الرِّيَاحِ، وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنِ
الصفحة 110