كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)
عُلَمَائِكُمْ مَا قَالُوا، وَوَضَعِهِمْ لَكُمْ مَا وَضَعُوا، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: (إِنِّي جَامِعُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ مَيْمَنَتِي وَمَيْسَرَتِي وَقَائِلٌ لِأَهْلِ الْمَيْسَرَةِ: إِنِّي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي، وَعَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقُونِي، وَكُنْتُ غَرِيبًا فَلَمْ تَأْوُونِي، وَمَحْبُوسًا فَلَمْ تَزُورُونِي، وَمَرِيضًا فَلَمْ تَعُودُونِي، فَاذْهَبُوا إِلَى النَّارِ الْمُعَدَّةِ لَكُمْ مِنْ قَبْلِ تَأْسِيسِ الدُّنْيَا.
وَأَقُولُ لِأَهْلِ الْمَيْمَنَةِ: فَعَلْتُمْ بِي هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فَاذْهَبُوا إِلَى النَّعِيمِ الْمُعَدِّ لَكُمْ مِنْ قَبْلِ تَأْسِيسِ الدُّنْيَا) . فَهَلْ أَدْخَلَ أُولَئِكَ النَّارَ إِلَّا خَطَايَاهُمُ الَّتِي رَكِبُوهَا؟ وَهَلْ صَارَ هَؤُلَاءِ إِلَى النَّعِيمِ إِلَّا بِأَعْمَالِهِمُ الْجَمِيلَةِ الَّتِي قَدَّمُوهَا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ؟ فَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْخَطِيئَةَ قَدْ بَطَلَتْ، فَقَدْ بَهَتَ، وَقَدْ خَالَفَ قَوْلَ الْمَسِيحِ، وَكَانَ هُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ.
وَقَالَ: وَيَا أَيُّهَا الْقَوْمُ الَّذِينَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبَابِ وَالْمَعْرِفَةِ، حَيْثُ يَنْسُبُونَهُ إِلَى الرُّبُوبِيَّةِ، وَيَنْحِلُونَهُ اللَّاهُوتِيَّةَ، وَيَجْعَلُونَهُ خَالِقَ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ وَإِلَهَهُمْ، بِمَاذَا سَاغَ ذَلِكَ لَكُمْ، وَمَا الْحُجَّةُ فِيهِ عِنْدَكُمْ؟
هَلْ قَالَتْ كُتُبُ النُّبُوَّاتِ فِيهِ ذَلِكَ؟ أَوْ هَلْ قَالَهُ عَنْ نَفْسِهِ؟ أَوْ قَالَهُ أَحَدٌ عَنْ تَلَامِذَتِهِ وَالنَّاقِلِينَ عَنْهُ الَّذِينَ هُمْ عِمَادُ دِينِكُمْ وَأَسَاسُهُ وَمَنْ أَخَذْتُمُ الشَّرَائِعَ وَالسُّنَنَ عَنْهُ؟ وَمَنْ كَتَبَ الْإِنْجِيلَ وَبَيَّنَهُ، قَدْ أَفْصَحَ فِي كُلِّ الْإِنْجِيلِ مِنْ كَلَامِهِ وَمُخَاطَبَتِهِ وَوَصَايَاهُ بِمَا لَا يُحْصَى كَثْرَةً بِأَنَّهُ عَبْدٌ
الصفحة 119