كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)

مِمَّا فَعَلَ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَمْ يَكُنْ فِي فِعْلِهِ ذَلِكَ إِلَهًا.
قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ أَنَّهُ مَشَى عَلَى الْمَاءِ، فَإِنَّ كِتَابَ سِفْرَ الْمُلُوكِ يُخْبِرُ بِأَنَّ إِلْيَاسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَارَ إِلَى الْأُرْدُنِّ وَمَعَهُ الْيَسَعُ تِلْمِيذُهُ، فَأَخَذَ عِمَامَتَهُ فَضَرْبَ بِهَا الْأُرْدُنَّ فَاسْتَيْبَسَ لَهُ الْمَاءَ حَتَّى مَشَى عَلَيْهِ هُوَ وَالْيَسَعُ، ثُمَّ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ عَلَى فَرَسٍ مِنْ نُورٍ وَالْيَسَعُ يَرَاهُ، وَدَفَعَ عِمَامَتَهُ إِلَى الْيَسَعَ، فَلَمَّا رَجَعَ الْيَسَعُ إِلَى الْأُرْدُنِّ ضَرَبَ بِهَا الْمَاءَ فَاسْتَيْبَسَ لَهُ حَتَّى مَشَى عَلَيْهِ رَاجِعًا وَلَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِمَشْيِهِ عَلَى الْمَاءِ إِلَهًا، وَلَا كَانَ إِلْيَاسُ بِصُعُودِهِ إِلَى السَّمَاءِ إِلَهًا.
قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ أَنَّهُ صَيَّرَ الْمَاءَ خَمْرًا، فَهَذَا كِتَابُ سِفْرَ الْمُلُوكَ يُخْبِرُ بِأَنَّ الْيَسَعَ نَزَلَ بِامْرَأَةٍ إِسْرَائِيلِيَّةٍ فَأَضَافَتْهُ وَأَحْسَنَتْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَرَادَ الِانْصِرَافَ قَالَ لَهَا: هَلْ لَكِ مِنْ حَاجَةٍ؟ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ عَلَى زَوْجِي دَيْنًا قَدْ فَدَحَهُ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ لَنَا بِقَضَاءِ دَيْنَنَا فَافْعَلْ.
فَقَالَ لَهَا الْيَسَعُ: اجْمَعِي كُلَّ مَا عِنْدَكِ مِنَ الْآنِيَةِ، وَاسْتَعِيرِي مِنْ جِيرَانِكِ جَمِيعَ مَا قَدَرْتِ عَلَيْهِ مِنْ آنِيَتِهِمْ. فَفَعَلَتْ، ثُمَّ أَمَرَهَا فَمَلَأَتِ الْآنِيَةَ كُلَّهَا مَاءً فَقَالَ: اتْرُكِيهِ لَيْلَتَكِ هَذِهِ. وَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا فَأَصْبَحَتِ الْمَرْأَةُ وَقَدْ صَارَ ذَلِكَ الْمَاءُ كُلُّهُ زَيْتًا، فَبَاعُوهُ فَقَضَوْا دَيْنَهُمْ

الصفحة 123