كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)

لِتَلَامِذَتِهِ: (إِنَّ مَنْ قَبِلَكُمْ وَآوَاكُمْ فَقَدْ قَبِلَنِي، وَمَنْ قَبِلَنِي فَإِنَّمَا يَقْبَلُ مَنْ أَرْسَلَنِي، وَمِنْ قَبِلَ نَبِيًّا بِاسْمِ نَبِيٍّ فَإِنَّمَا يَفُوزُ بِأَجْرِ مَنْ قَبِلَ النَّبِيِّ) .
فَبَيَّنَ هَاهُنَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَأَنَّ سَبِيلَهُ مَعَ اللَّهِ سَبِيلُهُمْ مَعَهُ، وَقَالَ مَتَّى التِّلْمِيذُ فِي إِنْجِيلِهِ، يَسْتَشْهِدُ عَلَى الْمَسِيحِ بِنُبُوَّةِ أَشْعِيَا عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (هَذَا عَبْدِي الَّذِي اصْطَفَيْتُهُ، وَحَبِيبِي الَّذِي ارْتَاحَتْ إِلَيْهِ نَفْسِي، أَنَا وَاضِعٌ رُوحِي عَلَيْهِ، وَيَدْعُو الْأُمَمَ إِلَى الْحَقِّ) . فَلَنْ يَحْتَاجَ إِلَى حُجَّةٍ أَوْضَحَ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي جَعَلْتُمُوهُ حُجَّةً لَكُمْ، فَقَدْ أَوْضَحَ اللَّهُ أَمْرَهُ وَسَمَّاهُ عَبْدًا، وَأَعْلَمَ أَنَّهُ يَضَعُ عَلَيْهِ رُوحَهُ وَيُؤَيِّدُهُ بِهَا كَمَا أَيَّدَ سَائِرَ الْأَنْبِيَاءِ بِالرُّوحِ فَأَظْهَرُوا الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةَ عَنْهُمْ، وَهَذَا الْقَوْلُ يُوَافِقُ مَا بَشَّرَ بِهِ جِبْرِيلُ الْمَلَكُ مَرْيَمَ حِينَ ظَهَرَ لَهَا، وَقَالَ الْقَوْلَ الَّذِي سُقْنَاهُ فِي صَدْرِ كِتَابِنَا.
وَقَالَ يُوحَنَّا التِّلْمِيذُ فِي الْإِنْجِيلِ عَنِ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (إِنَّ كَلَامِي الَّذِي تَسْمَعُونَ هُوَ كَلَامُ مَنْ أَرْسَلَنِي) . وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ

الصفحة 128