كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)
(يَا ابْنِي بِكْرِي) أَيْ إِسْرَائِيلَ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: (إِنَّهُ نَظَرَ بَنُو اللَّهِ إِلَى بَنَاتِ النَّاسِ فَشَغَفُوا بِهِنَّ) . فَهَلْ يُوجِبُ لِآلِ إِسْرَائِيلَ إِلَهِيَّةً بِهَذَا الْقَوْلِ؟
قَالَ: وَقُلْتُمْ: إِنَّ الْمَسِيحَ وُلِدَ مِنْ أَبِيهِ قَبْلَ الْعَوَالِمِ وَلَيْسَ بِمَصْنُوعٍ، فَلَيْسَ يَخْلُو الْأَبُ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَوْلَدَ شَيْئًا مَوْجُودًا أَوْ غَيْرَ مَوْجُودٍ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَزَلْ مَوْجُودًا فَإِنَّ الْأَبَ لَمْ يَلِدْ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَوْجُودٍ وَإِنَّمَا هُوَ حَادِثٌ، لَمْ يَكُنْ، فَهُوَ مَخْلُوقٌ كَمَا قُلْنَا.
قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ قَوْلَنَا فِي خَلْقِ الْمَسِيحِ: أَنَّ هَذَا الِاسْمَ إِنَّمَا وَقَعَ لَهُ، لِأَنَّهُ مُسِحَ لِلنُّبُوَّةِ وَالْخَيْرِ وَمَاسَحَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَقَدْ قَالَ دَاوُدُ فِي زَبُورِهِ قَوْلًا يَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ بِعَيْنِهِ: (مِنْ أَجْلِ هَذَا الْبَرِّ مَسَحَكَ اللَّهُ إِلَهَكَ أَكْثَرَ مِمَّا مَسَحَ بِهِ نُظَرَاءَكَ) فَأَبَانَ دَاوُدُ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَعْنَى الْمَسْحِ بِإِنْجِيلِهِ، وَأَنَّ مَاسِحَهُ اللَّهُ إِلَهُهُ، وَأَنَّهُ مُصْطَفًى مُكَرَّمٌ بِزِيَادَةٍ عَلَى نُظَرَائِهِ، وَقَالَ دَاوُدُ أَيْضًا فِي مَزْمُورِ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ يُخَاطِبُ اللَّهَ: (مِنْ
الصفحة 175