كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)
وَمِنْهَا: أَنَّ قَوْلَهُمْ: إِنَّ وُجُودَ الْخَالِقِ هُوَ عَيْنُ وُجُودِ الْمَخْلُوقِ، هُوَ أَيْضًا بَاطِلٌ.
وَمِنْهَا: أَنَّ حُلُولَ الشُّعَاعِ بِالزُّجَاجِ يَقْتَضِي حُلُولَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَهُمْ يُنْكِرُونَ الْحُلُولَ، وَيَقُولُونَ: الْوُجُودُ وَاحِدٌ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الشُّعَاعَ الَّذِي عَلَى نَفْسِ الزُّجَاجِ، لَيْسَ وُجُودُهُ وُجُودَ الزُّجَاجِ، وَعِنْدَهُمْ وُجُودُ الرَّبِّ وُجُودُ الْمُمْكِنَاتِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الشُّعَاعَ الْحَالَّ بِهَذَا الزُّجَاجِ، لَيْسَ هُوَ بِعَيْنِهِ ذَلِكَ الشُّعَاعَ الْحَالَّ بِالزُّجَاجِ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ نَظِيرَهُ، وَهَؤُلَاءِ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْوُجُودَ وَاحِدٌ بِالْعَيْنِ لَا يَتَعَدَّدُ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الشُّعَاعَ عَرَضٌ مُفْتَقِرٌ إِلَى الزُّجَاجِ، فَهُوَ مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ افْتِقَارَ الْعَرَضِ إِلَى مَحَلِّهِ، فَيَلْزَمُ إِذَا مَثَّلُوا بِهِ الرَّبَّ أَنْ يَكُونَ الرَّبُّ مُفْتَقِرًا إِلَى كُلِّ مَا سِوَاهُ مَعَ غِنَى كُلِّ مَا سِوَاهُ عَنْهُ، وَهَذَا قَلْبُ كُلِّ حَقِيقَةٍ، وَأَعْظَمُ كُفْرٍ بِالْخَالِقِ - تَعَالَى - فَإِنَّهُ - سُبْحَانَهُ - الْغَنِيُّ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ، وَكُلُّ مَا سِوَاهُ مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ.
وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِحُلُولِ اللَّهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ مِنَ النَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ، يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَكُونَ مُفْتَقِرًا إِلَى مَا حَلَّ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَا حَقِيقَةَ لِلْحُلُولِ إِلَّا هَذَا.
وَلِهَذَا كَانَ مَا حَلَّ بِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْهُدَى وَالنُّورِ وَالْمَعْرِفَةِ مُفْتَقِرًا إِلَى قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَقُومُ إِلَّا بِهَا.
الصفحة 376