كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)

اثْنَيْنِ، بَلْ ثَلَاثَةً، وَأَنْتُمْ تَنَاقَضْتُمْ.
فَهَذِهِ الْفُرُوقُ وَغَيْرُهَا مِمَّا يُبَيِّنُ فَسَادَ تَشْبِيهِكُمْ أَنْفُسَكُمْ بِالْمُسْلِمِينَ.
الْوَجْهُ الثَّامِنُ: قَوْلُكُمْ: وَكَذَلِكَ - نَحْنُ النَّصَارَى - الْعِلَّةُ فِي قَوْلِنَا: (إِنَّ اللَّهَ ثَلَاثَةُ أَقَانِيمَ، أَبٍ، وَابْنٍ، وَرُوحِ قُدُسٍ، أَنَّ الْإِنْجِيلَ نَطَقَ بِهِ.
فَيُقَالُ لَكُمْ: هَذَا بَاطِلٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْطِقْ لَا الْإِنْجِيلُ وَلَا شَيْءٌ مِنَ النُّبُوَّاتِ بِأَنَّ اللَّهَ ثَلَاثَةُ أَقَانِيمَ، وَلَا خَصَّ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الرَّبَّ بِثَلَاثِ صِفَاتٍ دُونَ غَيْرِهَا، وَلَا قَالَ الْمَسِيحُ وَلَا غَيْرُهُ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْأَبُ وَالِابْنُ وَرُوحُ الْقُدُسِ، وَلَا إِنَّ لَهُ أُقْنُومًا هُوَ الِابْنُ، وَأُقْنُومًا هُوَ رُوحُ الْقُدُسِ، وَلَا قَالَ: إِنَّ الِابْنَ كَلِمَتُهُ أَوْ عِلْمُهُ أَوْ حِكْمَتُهُ أَوْ نُطْقُهُ، وَإِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ حَيَاتُهُ، وَلَا سَمَّى شَيْئًا مِنْ صِفَاتِهِ ابْنًا وَلَا وَلَدًا، وَلَا قَالَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ الرَّبِّ إِنَّهُ مَوْلُودٌ، وَلَا جَعَلَ الْقَدِيمَ الْأَزَلِيَّ مَوْلُودًا، وَلَا قَالَ لَا عَنْ قَدِيمٍ وَلَا مَخْلُوقٍ، إِنَّهُ إِلَهٌ حَقٌّ مِنْ إِلَهٍ حَقٍّ، وَلَا قَالَ عَنْ صِفَاتِ اللَّهِ إِنَّهَا آلِهَةٌ، وَإِنَّ الْكَلِمَةَ إِلَهٌ وَالرُّوحَ إِلَهٌ، وَلَا قَالَ إِنَّ اللَّهَ اتَّحَدَ لَا بِذَاتِهِ وَلَا بِصِفَاتِهِ بِشَيْءٍ مِنَ الْبَشَرِ، بَلْ هَذَا كُلُّهُ مِمَّا ابْتَدَعْتُمُوهُ وَخَرَجْتُمْ بِهِ عَنِ الشَّرْعِ وَالْعَقْلِ، فَخَالَفْتُمُ الْكُتُبَ الْمُنَزَّلَةَ وَالْعُقُولَ الصَّرِيحَةَ، وَكُنْتُمْ مِمَّنْ قِيلَ فِيهِمْ: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10]

الصفحة 441