كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)
بَدَلَ لَفْظِ الْعِلْمِ، أَوِ الْمُرَادُ الْوُجُودُ وَالْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ، بَدَلَ الْحَيَاةِ، أَوِ الْمُرَادُ الْوُجُودُ وَالْحَيَاةُ وَالْقُدْرَةُ، أَوِ الْمُرَادُ الْوُجُودُ مَعَ الْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ؟ إِلَى أَقْوَالٍ أُخْرَى يَطُولُ أَمْرُهَا.
فَيَا لَيْتَ شِعْرِي، مَا الَّذِي أَرَادَ الْمَسِيحُ بِلَفْظِ الْأَبِ وَالِابْنِ وَرُوحِ الْقُدُسِ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الَّتِي اخْتَلَفْتُمْ فِيهَا، لَوْ كَانَ مُرَادُهُ مَا ادَّعَيْتُمُوهُ مِنَ الْأَقَانِيمِ؟
وَالْأَقَانِيمُ - لَفْظًا وَمَعْنًى - لَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، بَلْ قِيلَ فِيهَا: إِنَّهَا لَفْظَةٌ رُومِيَّةٌ، يُفَسِّرُونَهَا تَارَةً بِالْأَصْلِ، وَتَارَةً بِالشَّخْصِ، وَتَارَةً بِالذَّاتِ مَعَ الصِّفَةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا تَارَةً بِالْخَاصَّةِ، وَتَارَةً بِالصِّفَةِ.
فَهَلَّا تَرَكْتُمْ كَلَامَ الْمَسِيحِ عَلَى حَالِهِ، وَلَمْ تُحَرِّفُوهُ هَذِهِ التَّحْرِيفَاتِ.
وَلَقَدْ أَحْسَنَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ إِذْ قَالَ: لَوْ سَأَلْتَ نَصْرَانِيًّا وَابْنَهُ وَابْنَ ابْنِهِ عَمَّا يَعْتَقِدُونَهُ، لِأَخْبَرَكَ كُلُّ وَاحِدٍ بِعَقِيدَةٍ تُخَالِفُ عَقِيدَةَ الْآخَرِ، إِذْ كَانَ أَصْلُ اعْتِقَادِهِمْ جَهْلًا وَضَلَالًا، لَيْسَ مَعَهُمْ عِلْمٌ لَا نَقْلٌ وَلَا عَقْلٌ، فَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [الحج: 8]
وَلَيْسَ مَعَهُمْ بِمَا اعْتَقَدُوهُ مِنَ التَّثْلِيثِ وَالِاتِّحَادِ عِلْمٌ، بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَضْلًا عَمَّا هُوَ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ عِلْمٌ يَهْتَدُونَ بِهِ، فَلَيْسُوا
الصفحة 445
502