كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)

حَقِيقَةَ التَّثْلِيثِ، فَيُثْبِتُونَ الْأَقَانِيمَ الثَّلَاثَةَ مُتَغَايِرَةً، وَلَا حَقِيقَةَ التَّوْحِيدِ، فَيُثْبِتُونَ الْقَدِيمَ وَاحِدًا لَيْسَ بِاثْنَيْنِ وَلَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَمَا قَالُوهُ هُوَ شَيْءٌ لَا يُعْقَلُ، وَلَا يَصْلُحُ اعْتِقَادُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُعَارَضُوا عَلَى قَوْلِهِمْ بِكُلِّ حَالٍ.
فَيُقَالُ لَهُمْ: إِذَا جَازَ عِنْدَكُمْ أَنْ تَكُونَ ثَلَاثَةُ أَقَانِيمَ جَوْهَرًا وَاحِدًا، فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ ثَلَاثَةُ آلِهَةٍ جَوْهَرًا وَاحِدًا، وَثَلَاثَةُ فَاعِلِينَ جَوْهَرًا وَاحِدًا، وَثَلَاثَةُ أَغْيَارٍ جَوْهَرًا وَاحِدًا، وَثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ جَوْهَرًا وَاحِدًا، وَثَلَاثَةُ قَادِرِينَ جَوْهَرًا وَاحِدًا، وَكُلُّ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ جَوْهَرًا وَاحِدًا، وَكُلُّ مَا يَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى مِنَ الْمُعَارَضَةِ؟ فَلَا يَجِدُونَ فَصْلًا.
الْوَجْهُ الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنَّ غُلَاةَ الْمُجَسِّمَةِ الَّذِينَ يُكَفِّرُهُمُ الْمُسْلِمُونَ أَحْسَنُ حَالًا مِنْكُمْ شَرْعًا وَعَقْلًا، وَهُمْ أَقَلُّ مُخَالَفَةً لِلشَّرْعِ وَالْعَقْلِ مِنْكُمْ.
فَإِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا مِنْكُمْ، فَكَيْفَ تُشَبِّهُونَ أَنْفُسَكُمْ بِمَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَا يَقُولُونَ لَا بِتَمْثِيلٍ وَلَا بِتَعْطِيلٍ.
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَسَائِرَ كُتُبِ اللَّهِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَأْثُورٌ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ فِيهِ نُصُوصٌ كَثِيرَةٌ صَرِيحَةٌ ظَاهِرَةٌ وَاضِحَةٌ فِي وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، وَهُوَ مُسَمًّى فِيهَا بِالْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى، مَوْصُوفٌ بِالصِّفَاتِ الْعُلَى، وَأَنَّ كُلَّ مَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ لَهُ، لَيْسَ فِيهِ

الصفحة 451