كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)

تَثْلِيثٌ وَلَا اتِّحَادُ الْخَالِقِ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، لَا الْمَسِيحِ وَلَا غَيْرِهِ.
وَفِيهَا أَلْفَاظٌ قَلِيلَةٌ مُشْكِلَةٌ مُتَشَابِهَةٌ، وَهِيَ - مَعَ ذَلِكَ - لَا تَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ التَّثْلِيثِ وَالِاتِّحَادِ، لَا نَصًّا وَلَا ظَاهِرًا، وَلَكِنَّ بَعْضَهَا يَحْتَمِلُ بَعْضَ مَا قُلْتُمْ، وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يَحْتَمِلُ جَمِيعَ مَا قُلْتُمْ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا فِيهِ أَوْ نَصًّا، بَلْ بَعْضُهَا يَحْتَمِلُ بَعْضَ قَوْلِكُمْ.
فَأَخَذْتُمْ ذَلِكَ الْمُحْتَمَلِ وَضَمَمْتُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ الصَّرِيحِ وَالتَّنَاقُضِ الْقَبِيحِ مَا صَيَّرْتُمُوهُ أَمَانَةً لَكُمْ ; (أَيْ عَقِيدَةَ إِيمَانٍ لَكُمْ) .
وَلَوْ كَانَتْ كُلُّهَا تَحْتَمِلُ جَمِيعَ مَا قُلْتُمْ، لَمْ يَجُزِ الْعُدُولُ عَنِ النَّصِّ وَالظَّاهِرِ إِلَى الْمُحْتَمَلِ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهَا ظَاهِرًا فِيمَا قُلْتُمْ، لَمْ يَجُزِ الْعُدُولُ عَنِ النُّصُوصِ الصَّرِيحَةِ إِلَى الظَّاهِرِ الْمُحْتَمَلِ.
وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ فِيهَا نُصُوصًا صَرِيحَةً قَدْ عَارَضَتْهَا نُصُوصٌ أُخْرَىَ صَرِيحَةٌ، لَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَنْظُرُوا بِنُورِ اللَّهِ الَّذِي أَيَّدَ بِهِ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَهُوَ الْمَعْنَى الَّذِي يُوَافِقُ صَرِيحَ الْمَعْقُولِ وَسَائِرَ كُتُبِ اللَّهِ، وَذَلِكَ النَّصُّ الْآخَرُ إِنْ فَهِمُوا تَفْسِيرَهُ، وَإِلَّا فَوَّضُوا مَعْنَاهُ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - إِنْ كَانَ ثَابِتًا عَنِ الْأَنْبِيَاءِ.
وَهَؤُلَاءِ عَدَلُوا عَمَّا يُعْلَمُ بِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ، وَعَمَّا يُعْلَمُ بِنُصُوصِ

الصفحة 452