كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)

وَمِنْ غُلَاةِ الْمُجَسِّمَةِ الْيَهُودِ، مَنْ يُحْكَىعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ بَكَى عَلَى الطُّوفَانِ حَتَّى رَمِدَ وَعَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ، وَأَنَّهُ نَدِمَ حَتَّى عَضَّ يَدَهُ وَجَرَى مِنْهُ الدَّمُ) ، وَهَذَا كُفْرٌ وَاضِحٌ صَرِيحٌ، وَلَكِنْ يَقُولُونَ: قَوْلُنَا خَيْرٌ مِنْ قَوْلِ النَّصَارَى، فَإِنَّ النَّصَارَى يَقُولُونَ: (إِنَّهُ أُخِذَ وَضُرِبَ بِالسِّيَاطِ وَبُصِقَ فِي وَجْهِهِ، وَوُضِعَ الشَّوْكُ عَلَى رَأْسِهِ كَالتَّاجِ، وَصُلِبَ بَيْنَ لِصَّيْنِ، وَفُعِلَ بِهِ مِنْ أَقْبَحِ مَا يُفْعَلُ بِاللُّصُوصِ قُطَّاعِ الطُّرُقِ.
وَقَدْ صَرَّحَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ بِأَنَّ هَذَا فِعْلٌ بِاللَّاهُوتِ وَالنَّاسُوتِ جَمِيعًا.
وَشَرِيعَةُ إِيمَانِهِمْ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ لَازِمٌ لِمَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ مَعَ الْقَوْلِ بِالِاتِّحَادِ الَّذِي لَا بُدَّ لِطَوَائِفِهِمُ الثَّلَاثَةِ مِنْهُ، يَمْتَنِعُ أَنْ تَحُلَّ هَذِهِ الْعُقُوبَاتُ فِي هَذَا دُونَ ذَاكَ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَحُلَّ فِي النَّاسُوتِ دُونَ اللَّاهُوتِ، فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ إِذَا كَانَ اثْنَيْنِ، وَمَنْ قَالَ بِالِاتِّحَادِ، امْتَنَعَ عِنْدَهُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ اثْنَانِ.
وَفِي الْجُمْلَةِ، فَالنَّصَارَى الْمُثَلِّثَةُ، إِمَّا أَنْ يُصَرِّحُوا بِالِاتِّحَادِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَالْيَعْقُوبِيَّةِ، وَهَؤُلَاءِ يُصَرِّحُونَ بِأَنَّ الْآلَآمَ حَلَّتْ بِاللَّاهُوتِ.
وَإِمَّا أَنْ يَقُولُوا بِالِاتِّحَادِ مِنْ وَجْهٍ كَقَوْلِ الْمَلَكِيَّةِ: إِنَّهُمَا شَخْصٌ

الصفحة 456