كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)

الْحَقَّ لَعَنْتُمُوهُ.
وَأَنْتُمْ تُشْبِهُونَ الْمَلَاحِدَةَ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ وَالْفَلَاسِفَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ الَّذِينَ يَسْلُبُونَ عَنْهُ النَّقِيضَيْنِ، أَوْ يَمْتَنِعُونَ عَنْ إِثْبَاتِ أَحَدِ النَّقِيضَيْنِ، فَيَقُولُونَ: لَا نَقُولُ هُوَ حَيٌّ وَلَا لَيْسَ بِحَيٍّ، وَلَا هُوَ عَالِمٌ وَلَا لَيْسَ بِعَالِمٍ، وَلَا قَادِرٌ وَلَا لَيْسَ بِقَادِرٍ.
بَلْ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: لَا نَقُولُ: هُوَ مَوْجُودٌ وَلَا مَعْدُومٌ، وَلَا نَقُولُ هُوَ شَيْءٌ وَلَا نَقُولُ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: لَيْسَ بِحَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ، وَلَا عَالِمٍ وَلَا جَاهِلٍ، وَلَا قَادِرٍ وَلَا عَاجِزٍ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: لَا نُطْلِقُ لَا هَذَا وَلَا هَذَا.
فَيُقَالُ لَهُمْ: رَفْعُ النَّقِيضَيْنِ كَجَمْعِ النَّقِيضَيْنِ، وَالِامْتِنَاعُ عَنْ إِثْبَاتِ أَحَدِ النَّقِيضَيْنِ، كَالِامْتِنَاعِ عَنْ نَفْيِ أَحَدِ النَّقِيضَيْنِ.
وَكَذَلِكَ مَنْ وَصَفَهُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ وَاجِبُ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ، ثُمَّ وَصَفَهُ بِصِفَاتٍ تَسْتَلْزِمُ عَدَمَهُ، فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ.
وَكُلُّ قَوْلٍ يَتَضَمَّنُ جَمْعَ النَّقِيضَيْنِ وَإِثْبَاتَ الشَّيْءِ وَنَفْيَهُ، أَوْ رَفْعَ النَّقِيضَيْنِ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ - فَهُوَ بَاطِلٌ.
وَالنَّصَارَى فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَبْلَغِ النَّاسِ تَنَاقُضًا يَقُولُونَ الشَّيْءَ وَيَقُولُونَ بِمَا يُنَاقِضُهُ، وَيَلْعَنُونَ مَنْ قَالَ هَذَا وَمَنْ قَالَ هَذَا.
وَأَيْضًا فَكُلُّ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ تَلْعَنُ الْأُخْرَى، فَإِنَّ أَهْلَ الْأَمَانَةِ تَلْعَنُ الْأَرْيُوسِيَّةَ وَغَيْرَهُمْ مِنْ طَوَائِفَ النَّصَارَى، وَهُمْ يَلْعَنُونَكُمْ وَكُلٌّ مِنْ فِرَقِكُمْ

الصفحة 465