كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)

بِخِلَافِ النَّصَارَى فَإِنَّهُمْ وَضَعُوا عَقِيدَةً وَشَرِيعَةً، لَيْسَتْ أَلْفَاظُهَا مَنْقُولَةً عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعَ عَشَرَ: قَوْلُهُمْ: وَيُرَادُ بِالْأَبِ وَالِابْنِ غَيْرُ أُبُوَّةِ وَبُنُوَّةِ نِكَاحٍ، وَمَنْ أَرَادَ وِلَادَةَ زَوْجَةٍ لَعَنَّاهُ.
فَيُقَالُ: لَفَظُ الْوِلَادَةِ الْمَعْرُوفَةِ، إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ أَصْلَيْنِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ بِانْفِصَالِ جُزْءٍ مِنَ الْأَصْلَيْنِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ بِحُدُوثِ الْمَوْلُودِ سَوَاءٌ أُرِيدَ وِلَادَةُ الْحَيَوَانِ أَوْ غَيْرُهَا، كَمَا تَتَوَلَّدُ النَّارُ مِنْ بَيْنِ الزِّنَادَيْنِ، فَإِذَا قُدِحَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، خَرَجَ مِنْهُمَا جُزْءٌ لَطِيفٌ، فَاسْتَحَالَ نَارًا، ثُمَّ سَقَطَ عَلَى الْحِرَاقِ.
وَقَدْ تَوَسَّعَ بَعْضُ النَّاسِ فِي الْوِلَادَةِ حَتَّى عَبَّرَ بِهِ عَمَّا يَحْدُثُ عَنِ الشَّيْءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِانْفِصَالِ جُزْءٍ مِنْهُ، كَتَوَلُّدِ الشُّعَاعِ عَنِ النَّارِ وَالشَّمْسِ وَغَيْرِهَا ; لِأَنَّ هَذَا يَحْدُثُ بِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا يَصْدُرُ عَنْهُ مِنَ الشَّمْسِ وَالنَّارِ، وَالثَّانِي الْمَحَلُّ الْقَابِلُ لَهُ الَّذِي يَنْعَكِسُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْجِرْمُ الْمُقَابِلُ لَهُ الَّذِي يَقُومُ بِهِ الشُّعَاعُ.
فَأَمَّا مَا يَحْدُثُ عَنْ شَيْءٍ وَاحِدٍ، فَلَا يُعْرَفُ أَنَّهُ يُسَمَّى وِلَادَةً إِنْ قُدِّرَ وُجُودُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَا يُعْرَفُ مَا يَلْزَمُ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ أَنَّهُ يُسَمَّى وَلَدًا.
فَأَمَّا مَا يَقُومُ بِالْمَوْصُوفِ مِنْ صِفَاتِهِ اللَّازِمَةِ لَهُ، فَهَذَا أَبْعَدُ

الصفحة 468