كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)
شَيْءٍ عَنْ أَنْ يُسَمَّى هَذَا الْمَلْزُومُ وِلَادَةً، بَلْ لَا تَكُونُ الْوِلَادَةُ إِلَّا عَنْ أَصْلَيْنِ.
وَكُلُّ مَنْ قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ وَلَدًا، لَزِمَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ صَاحِبَةٌ بِأَيِّ وَجْهٍ فَسَّرَ الْوِلَادَةَ، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ حَادِثٌ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ - بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنعام: 100 - 101] . فَاسْتَفْهَمَ تَعَالَى اسْتِفْهَامَ إِنْكَارٍ، لِيُبَيِّنَ امْتِنَاعَ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ، إِذْ لَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ، فَإِنَّ الْوَلَدَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ أَصْلَيْنِ، وَهَذَا مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُتَفَطَّنَ لَهُ، فَإِنَّ جَعْلَ مَا يَلْزَمُ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ مُتَوَلِّدًا عَنْهُ لَا يُعْرَفُ، لَا سِيَّمَا صِفَاتُهُ الْقَائِمَةُ بِهِ اللَّازِمَةُ لَهُ، كَعِلْمِهِ وَحَيَاتِهِ، لَا سِيَّمَا الصِّفَاتُ الْقَدِيمَةُ الْأَزَلِيَّةُ اللَّازِمَةُ لِذَاتِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ مَوْصُوفًا بِهَا، فَإِنَّ صِفَاتَ الْعَبْدِ اللَّازِمَةَ لَهُ، كَحَيَاتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لَيْسَتْ مُتَوَلِّدَةً عَنْهُ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُقَلَاءِ.
وَلَا يَقُولُ عَاقِلٌ يَعْقِلُ مَا يَقُولُ: إِنَّ لَوْنَ السَّمَاءِ وَقَدْرَهَا مُتَوَلِّدٌ عَنْهَا، وَلَا إِنَّ قَدْرَ الشَّمْسِ وَضَوْءَهَا الْقَائِمَ بِهَا اللَّازِمَ لَهَا مُتَوَلِّدٌ عَنْهَا، وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ: إِنَّ حَرَارَةَ النَّارِ وَضَوْءَهَا الْقَائِمَ بِهَا مُتَوَلِّدٌ عَنْهَا.
الصفحة 469
502