كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)

قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: وَالصَّدُوقِيَّةُ طَائِفَةٌ مِنَ الْيَهُودِ نُسِبُوا إِلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ صَدُوقٌ، وَهُمْ يَقُولُونَ - مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْيَهُودِ -: إِنَّ الْعُزَيْرَ ابْنُ اللَّهِ، وَكَانُوا بِجِهَةِ الْيَمَنِ.
وَلَكِنِ الْمُتَفَلْسِفَةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِصُدُورِ الْعُقُولِ وَالْأَفْلَاكِ عَنْهُ، وَإِنْ سُمِّيَ ذَلِكَ تَوَلُّدًا، فَهُمْ يَجْعَلُونَ وَلَدَهُ مُنْفَصِلًا عَنْهُ، لَكِنْ يُثْبِتُونَ وَلَدًا قَدِيمًا أَزَلِيًّا صَدَرَ عَنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَيَجْعَلُونَ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ مُتَوَلِّدًا عَنْهُ.
وَسَائِرُ الطَّوَائِفِ الَّذِينَ أَثْبَتُوا لِلَّهِ وَلَدًا، جَعَلُوهُ حَادِثًا مُنْفَصِلًا عَنْهُ.
فَأَمَّا جَعْلُ صِفَتِهِ الْقَائِمَةِ بِهِ وَلَدًا لَهُ وَمَوْلُودًا، فَهَذَا لَا يُعْرَفُ عَنْ غَيْرِ النَّصَارَى، فَإِذَا أَثْبَتُوا لَهُ وَلَدًا وَابْنًا غَيْرَ مَخْلُوقٍ، وَالصِّفَةُ الْقَائِمَةُ بِهِ اللَّازِمَةُ لَهُ، لَمْ تَتَوَلَّدْ عَنْهُ وَلَا تُسَمَّى ابْنًا وَلَا وَلَدًا عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ - تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ إِمَّا جُزْءًا مُنْفَصِلًا عَنْهُ، وَإِمَّا مَعْلُولًا لَهُ صَادِرًا عَنْهُ بِغَيْرِ قُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَأَيَّ الْقَوْلَيْنِ قَالُوهُ فَهُمْ فِيهِ كُفَّارٌ مُضَاهِئُونَ لِقَوْلِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ.

الصفحة 476