كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)
الْمَسِيحِ وَلَا الْحَوَارِيِّينَ وَلَا أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَكِنَّ عِنْدَهُمْ فِي الْكُتُبِ أَلْفَاظًا مُتَشَابِهَةً وَأَلْفَاظًا مُحْكَمَةً يَتَنَازَعُونَ فِي فَهْمِهَا، ثُمَّ الْقَائِلُونَ مِنْهُمْ بِالْأَمَانَةِ وَهُمْ عَامَّةُ النَّصَارَى الْيَوْمَ مِنَ الْمَلِكَانِيَّةِ وَالنَّسْطُورِيَّةِ وَالْيَعْقُوبِيَّةِ مُخْتَلِفُونَ فِي تَفْسِيرِهَا، وَنَفْسُ قَوْلِهِمْ مُتَنَاقِضٌ يَمْتَنِعُ تَصَوُّرَهُ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ.
فَلِهَذَا صَارَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَقُولُ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْ غَيْرِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُرَاعِي لَفْظَ أَمَانَتِهِمْ وَإِنْ صَرَّحَ بِالْكُفْرِ الَّذِي يَظْهَرُ فَسَادُهُ لِكُلِّ أَحَدٍ كَالْيَعْقُوبِيَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتُرُ بَعْضَ ذَلِكَ كَالنَّسْطُورِيَّةِ، وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ وَهُمُ الْمَلِكَانِيَّةُ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، وَلَمَّا ابْتَدَعُوا مَا ابْتَدَعُوا مِنَ التَّثْلِيثِ وَالْحُلُولِ، كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُخَالِفُهُمْ فِي ذَلِكَ.
وَقَدْ يُوجَدُ نَقْلُ النَّاسِ لِمَقَالَاتِهِمْ مُخْتَلِفًا، وَذَلِكَ بِحَسَبِ قَوْلِ الطَّائِفَةِ الَّتِي يَنْقُلُ ذَلِكَ النَّاقِلُ قَوْلَهَا، وَالْقَوْلُ الَّذِي يَحْكِيهِ كَثِيرٌ مِنْ نُظَّارِ الْمُسْلِمِينَ يُوجَدُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ عَلَى خِلَافِهِ، كَمَا نَقَلُوا عَنْهُمْ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَصَاحِبُهُ أَبُو الْقَاسِمِ
الصفحة 77