كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 4)
اللَّاهُوتَ وَالنَّاسُوتَ، مَاتَ، وَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَمُتْ، وَالَّذِي وَلَدَتْ مَرْيَمُ قَدْ مَاتَ بِجَوْهَرِ نَاسُوتِهِ (فَهُوَ إِلَهٌ تَامٌّ بِجَوْهَرِ لَاهُوتِهِ، وَإِنْسَانٌ تَامٌّ بِجَوْهَرِ نَاسُوتِهِ، وَلَهُ مَشِيئَةُ اللَّاهُوتِ وَمَشِيئَةُ النَّاسُوتِ، وَهُوَ شَخْصٌ وَاحِدٌ لَا نَقُولُ شَخْصَانِ لِئَلَّا يَلْزَمَنَا الْقَوْلُ بِأَرْبَعَةِ أَقَانِيمَ.
قَالَ: فَهَؤُلَاءِ أَتَوْا مِنْ ذَلِكَ بِمِثْلِ مَا أَتَتْ بِهِ الْيَعْقُوبِيَّةُ فِي وِلَادَةِ مَرْيَمَ اللَّهَ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ، وَقَالُوا: إِنَّ الْمَسِيحَ وَهُوَ اسْمٌ لَا تَشُكُّ جَمَاعَةُ النَّصَارَى أَنَّهُ وَاقِعٌ عَلَى اللَّاهُوتِ وَالنَّاسُوتِ مَاتَ، وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَمُتْ، فَكَيْفَ يَكُونُ مَيِّتًا لَمْ يَمُتْ، وَقَائِمًا قَاعِدًا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ؟ وَهَلْ بَيْنَ الْمَقَالَتَيْنِ فَرْقٌ إِلَّا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الطَّبَائِعِ؟
قَالَ: ثُمَّ نَظَرْتُ فِي قَوْلِ النَّسْطُورِيَّةِ فَوَجَدْتُهُمْ قَالُوا: إِنَّ الْمَسِيحَ شَخْصَانِ وَطَبِيعَتَانِ لَهُمَا مَشِيئَةٌ وَاحِدَةٌ، وَأَنَّ طَبِيعَةَ اللَّاهُوتِ الَّتِي لِلْمَسِيحِ غَيْرُ طَبِيعَةِ نَاسُوتِهِ، وَأَنَّ طَبِيعَةَ اللَّاهُوتِ لَمَّا تَوَحَّدَتْ بِالنَّاسُوتِ بِشَخْصِهَا
الصفحة 93