كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 5)
وَكَذَلِكَ فِي التَّوْرَاةِ: " إِنِّي سَأُقِيمُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ نَبِيًّا مِنْ إِخْوَتِهِمْ أُنَزِّلُ عَلَيْهِ تَوْرَاةً مِثْلَ تَوْرَاةِ مُوسَى " فَسَمَّى الْكِتَابَ الثَّانِيَ تَوْرَاةً.
فَقَوْلُهُ: " أَخْبِرْنِي بِصِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّوْرَاةِ " قَدْ يُرَادُ بِهَا نَفْسُ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ كُلِّهَا، وَكُلُّهَا تُسَمَّى تَوْرَاةَ، وَيَكُونُ هَذَا فِي بَعْضِهَا.
وَقَدْ يُرَادُ بِهِ التَّوْرَاةُ الْمُعَيَّنَةُ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ هَذَا فِي نُسْخَةٍ لَمْ يُنْسَخْ مِنْهَا هَذِهِ النُّسَخُ، فَإِنَّ النُّسَخَ الْمَوْجُودَةَ بِالتَّوْرَاةِ الَّتِي وَقَفْنَا عَلَيْهَا لَيْسَ فِيهَا هَذَا.
لَكِنَّ هَذَا عِنْدَهُمْ فِي نُبُوَّةِ أَشْعَيَا، قَالَ فِيهَا: " عَبْدَيِ الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي، أُنَزِّلُ عَلَيْهِ وَحْيِي، فَيُظْهِرُ فِي الْأُمَمِ عَدْلِي وَيُوصِيهِمْ بِالْوَصَايَا، لَا يَضْحَكُ وَلَا يُسْمَعُ صَوْتُهُ فِي الْأَسْوَاقِ، يَفْتَحُ الْعُيُونَ الْعُورَ، وَالْآذَانَ الصُّمَّ، وَيُحْيِي الْقُلُوبَ الْغُلْفَ، وَمَا أُعْطِيهِ لَا أُعْطِي أَحَدًا، يَحْمَدُ اللَّهَ حَمْدًا جَدِيدًا يَأْتِي مِنْ أَقْصَى الْأَرْضِ، وَتَفْرَحُ الْبَرِّيَّةُ وَسُكَّانُهَا يُهَلِّلُونَ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ وَيُكَبِّرُونَهُ عَلَى كُلِّ رَابِيَةٍ، لَا يَضْعُفُ وَلَا يُغْلَبُ وَلَا يَمِيلُ إِلَى الْهَوَى، مُشْقِحٌ وَلَا يَذِلُّ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ هُمْ كَالْقَصَبَةِ
الصفحة 157