كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 5)

أَيْ: مَا كَانَ لِأَنْ يُفْتَرَى، يَقُولُ: مَا كَانَ لِيَفْعَلَ هَذَا. فَلَمْ يَنْفِ مُجَرَّدَ فِعْلِهِ، بَلْ نَفَى احْتِمَالَ فِعْلِهِ، وَأَخْبَرَ بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَقَعُ، بَلْ يَمْتَنِعُ وُقُوعُهُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى: مَا يُمْكِنُ، وَلَا يُحْتَمَلُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفْتَرَى هَذَا الْقُرْآنُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَإِنَّ الَّذِي يَفْتَرِيهِ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَخْلُوقٌ، وَالْمَخْلُوقُ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ. وَهَذَا التَّحَدِّي كَانَ بِمَكَّةَ، فَإِنَّ هَذِهِ السُّوَرَ مَكِّيَّةٌ؛ سُورَةَ يُونُسَ، وَهُودٍ، وَالطُّورِ.
ثُمَّ أَعَادَ التَّحَدِّي فِي الْمَدِينَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ فِي (الْبَقَرَةِ) وَهِيَ سُورَةٌ مَدَنِيَّةٌ:
{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 23] .
ثُمَّ قَالَ:
{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [البقرة: 24] .
فَذَكَرَ أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ:
{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ} [البقرة: 24] .

الصفحة 425