كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 6)

مَا يَطُولُ وَصْفُهُ، وَآثَارُهُمْ مَوْجُودَةٌ فِي الْعَالَمِ، يُعَرَفُ ذَلِكَ بِالِاعْتِبَارِ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعِهِ؛ إِذِ الْمَقْصُودُ هُنَا ذِكْرُ مَذَاهِبِ النَّاسِ فِي الْعِبَادَاتِ، وَهَؤُلَاءِ غَايَةُ مَا عِنْدَهُمْ فِي الْعِبَادَاتِ، وَالْأَخْلَاقِ، وَالْحِكْمَةِ الْعَمَلِيَّةِ، أَنَّهُمْ رَأَوُا النَّفْسَ فِيهَا شَهْوَةٌ، وَغَضَبٌ مِنْ حَيْثُ الْقُوَّةِ الْعَمَلِيَّةِ، وَلَهَا نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ الْقُوَّةِ الْعِلْمِيَّةِ. فَقَالُوا: كَمَالُ الشَّهْوَةِ فِي الْعِفَّةِ، وَكَمَالُ الْغَضَبِ فِي الْحِلْمِ، وَالشَّجَاعَةِ، وَكَمَالُ الْقُوَّةِ النَّظَرِيَّةِ فِي الْعِلْمِ. وَالتَّوَسُّطُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بَيْنَ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ هُوَ الْعَدْلُ. وَمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْعَمَلِ مُتَعَلِّقٌ بِالنَّدْبِ لَمْ يُثْبِتُوا خَاصِّيَّةَ النَّفْسِ الَّتِي هِيَ مَحَبَّةُ اللَّهِ، وَتَوْحِيدُهُ، بَلْ وَلَا عَرَفُوا ذَلِكَ كَمَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ بِاللَّهِ إِلَّا قَلِيلٌ مَعَ كَثِيرٍ مِنَ الْبَاطِلِ، كَمَا بُسِطَ الْكَلَامُ عَنْهُمْ فِي مَوْضِعِهِ. وَمَحَبَّةُ اللَّهِ وَتَوْحِيدُهُ هُوَ الْغَايَةُ الَّتِي فِيهَا صَلَاحٌ لِلنَّفْسِ، وَهُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. فَلَا صَلَاحَ لِلنَّفْسِ، وَلَا كَمَالَ لَهَا إِلَّا فِي ذَلِكَ، وَبِدُونِ ذَلِكَ تَكُونُ فَاسِدَةً، لَا صَلَاحَ لَهَا، كَمَا قَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ

الصفحة 26