كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 6)

الِاسْتِئْصَالِ عَذَابًا عَاجِلًا يُهْلِكُ اللَّهُ بِهِ جَمِيعَ الْمُكَذِّبِينَ كَمَا أَهْلَكَ قَوْمَ نُوحٍ، وَكَمَا أَهْلَكَ عَادًا، وَثَمُودَ، وَأَهْلَ مَدْيَنَ، وَقَوْمَ لُوطٍ، وَكَمَا أَهْلَكَ قَوْمَ فِرْعَوْنَ، وَأَظْهَرَ آيَاتٍ كَثِيرَةً لَمَّا أَرْسَلَ مُوسَى لِيَبْقَى ذِكْرُهَا وَخَبَرُهَا فِي الْأَرْضِ، إِذْ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ التَّوْرَاةِ لَمْ يُهْلِكْ أُمَّةً بِعَذَابِ الِاسْتِئْصَالِ، بَلْ قَالَ تَعَالَى:
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى} [القصص: 43]
بَلْ كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَمَّا يَفْعَلُونَ مَا يَفْعَلُونَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي يُعَذَّبُ بَعْضُهُمْ وَيَبْقَى بَعْضُهُمْ، إِذْ كَانُوا لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى الْكُفْرِ، وَلِهَذَا لَمْ يَزَلْ فِي الْأَرْضِ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَاقِيَةً. قَالَ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ:
{وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: 168]
وَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -:
{مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: 113] (113) {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: 114]

الصفحة 442