كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 6)

الْعُلَمَاءُ وَصَنَّفُوا كُتُبًا كَثِيرَةً فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فِي الرِّجَالِ وَالْأَحَادِيثِ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْرَفُ بِالصِّدْقِ وَالضَّبْطِ، فَهَذَا هُوَ الْعَدْلُ الْمَقْبُولُ خَبَرُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ صَدُوقًا لَكِنَّهُ قَدْ لَا يَحْفَظُ وَلَا يَضْبُطُ فَيَقُولُونَ فِي مِثْلِ هَذَا: هُوَ صَدُوقٌ تُكُلِّمَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ عُرِفَ بِالْكَذِبِ، وَإِذَا رَوَى الْحَدِيثَ مَنْ هُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ أَوْ مَنْ قَدْ يَكْذِبُ لَمْ يَحْكُمُوا بِذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يُثْبِتُوهُ.
ثُمَّ تَارَةً يَقُومُ الدَّلِيلُ عَلَى كَذِبِهِ، وَتَارَةً يَتَوَقَّفُونَ فِيهِ لَا يَعْلَمُونَ أَصِدْقٌ هُوَ أَمْ كَذِبٌ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُعْتَقَدُ وَلَا يَثْبُتُ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ، كَالشَّاهِدِ الَّذِي شَهِدَ لِلْمُدَّعِي، وَلَيْسَ بِعَدْلٍ مَرْضِيٍّ، أَوْ هُوَ خَصْمٌ أَوْ مُتَّهَمٌ ظِنِّينٌ، فَهَذَا إِذَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَلَمْ تُقْبَلْ لَمْ يَكُنْ مَعْنَى ذَلِكَ الْحُكْمُ بِكَذِبِهِ أَوْ خَطَئِهِ، بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، وَلَا يُحْكَمُ بِهِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِصِدْقِهِ، لَا لِلْعِلْمِ بِكَذِبِهِ.
وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا كَانَ صَاحِبَ يَدٍ أَوْ ذِمَّتُهُ بَرِيئَةً فَهُوَ حُجَّةٌ تُرَجِّحُ جَانِبَهُ، وَقَدْ ضَمَّ إِلَيْهَا الشَّارِعُ الْيَمِينَ كَمَا فِي صَحِيحِ

الصفحة 463