كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 6)

وَالشَّامِ مَدِينَةٌ أَعْظَمُ مِنْ بَغْدَادَ وَالْمَوْصِلِ وَأَصْبَهَانَ وَمِصْرَ دُورُهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُعْلَمُ كَذِبُهُ، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا تَتَوَفَّرُ هِمَمُ النَّاسِ عَلَى نَقْلِهِ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا، فَإِذَا لَمْ يَسْتَفِضْ هَذَا وَيَنْتَشِرْ عُلِمَ أَنَّ الْمُخْبِرَ بِهِ كَاذِبٌ.
وَكَذَا لَوِ ادَّعَى مُدَّعٍ أَنَّهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوِ الْعِيدِ قُتِلَ الْخَطِيبُ، وَلَمْ يُصَلِّ النَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَمْ يَسْتَفِضْ هَذَا وَيَنْتَشِرْ، أَوِ ادَّعَى أَنَّهُ قُتِلَ بَعْضُ مُلُوكِ النَّاسِ، وَلَمْ يَسْتَفِضْ هَذَا، وَلَمْ يَنْتَشِرْ، أَوِ ادَّعَى أَنَّهُ بُعِثَ نَبِيٌّ بَيْنَ الْمَسِيحِ وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَعْدَ مُحَمَّدٍ جَاءَ بِكِتَابٍ مِثْلَ الْقُرْآنِ أَوِ الْإِنْجِيلِ، وَاتَّبَعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَكَذَّبَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ فَإِنَّهُ يُعْلَمُ كَذِبُ هَذَا، إِذْ مِثْلُ هَذَا لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَفِيضَ وَيَنْتَشِرَ.
، وَكَذَلِكَ لَوِ ادَّعَى أَنَّ قُرَيْشًا أَوْ غَيْرَهُمْ عَارَضُوا الْقُرْآنَ، وَجَاءُوا بِكِتَابٍ يُمَاثِلُ الْقُرْآنَ، وَأَنَّهُمْ أَظْهَرُوا ذَلِكَ، وَأَبْطَلُوا بِهِ حُجَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَذَا مِمَّا يُقْطَعُ بِكَذِبِهِ، لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَوْ وَقَعَ لَكَانَ مِمَّا تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ، وَكَذَلِكَ لَوِ ادَّعَى

الصفحة 472