كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 6)

فَإِنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ دَاوُدَ، وَإِذَا كَانَ هَذَا قَوْلَ هَؤُلَاءِ النُّظَّارِ، وَأَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفَلْسَفَةِ، فَمُجَرَّدُ خَرْقِ الْعَادَةِ عِنْدَهُمْ لَيْسَ وَحْدَهُ مُسْتَلْزِمًا لِلنُّبُوَّةِ حَتَّى يَكُونَ وَحْدَهُ دَلِيلًا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَنْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ التَّحَدِّي وَعَدَمُ الْمُعَارَضَةِ.
وَلِهَذَا لَمَّا اخْتَلَفَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ كَأَبِي الْحَسَنِ وَأَتْبَاعِهِ: هَلْ يَجُوزُ ظُهُورُ الْخَارِقِ عَلَى يَدِ الْكَاذِبِ؟ فَقِيلَ: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ عَلَمُ النُّبُوَّةِ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهُ مَدْلُولُهُ كَسَائِرِ الْأَدِلَّةِ، وَقِيلَ: بَلْ يَجُوزُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ لَا يَفْعَلُهُ. ثُمَّ قِيلَ: لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ عَجْزَهُ عَنْ تَصْدِيقِ الرَّسُولِ إِذْ لَا طَرِيقَ إِلَيْهِ إِلَّا الْمُعْجِزُ عِنْدَهُمْ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ مَقْدُورٌ مُمْكِنٌ، وَلَكِنْ نَحْنُ نَعْلَمُ اضْطِرَارًا أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ مِثْلَ كَثِيرٍ مِمَّا يُمْكِنُ فِي الْعَادَةِ، وَنَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لَا يَفْعَلُهُ، وَجَمِيعُ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَقَالَ: مَجْمُوعُ مَا يَدُلُّ عَلَى النُّبُوَّةِ، وَهُوَ الْخَارِقُ السَّالِمُ عَنِ الْمُعَارَضِ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِ نَبِيٍّ بِخِلَافِ جِنْسِ الْخَارِقِ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا الِامْتِنَاعُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَادِيًّا، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِاسْتِلْزَامِهِ الْعَجْزَ عَنْ تَصْدِيقِ النَّبِيِّ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ فَإِذَا كَانَ مُمْتَنِعًا لِاسْتِلْزَامِهِ الْعَجْزَ عَنْ تَصْدِيقِ النَّبِيِّ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ فَإِذَا كَانَ مُمْتَنِعًا لِاسْتِلْزَامِهِ أَمْرًا مُمْتَنِعًا، وَإِذَا كَانَ انْفِلَاتُ

الصفحة 500