كتاب الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية (اسم الجزء: 6)

{يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} [النور: 35]
هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ، يَقُولُ: يَكَادُ مَنْظَرُهُ يَدُلُّ عَلَى نُبُوَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتْلُ قُرْآنًا، كَمَا قَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ:

لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ آيَاتٌ مُبَيِّنَةٌ ... كَانَتْ بَدِيهَتُهُ تُنْبِيكَ بِالْخَبَرِ

قُلْتُ: وَإِيمَانُ خَدِيجَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَغَيْرِهِمَا مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ كَانَ قَبْلَ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ، وَقَبْلَ إِخْبَارِهِ بِالْغُيُوبِ، وَقَبْلَ تَحَدِّيهِ بِالْقُرْآنِ، لَكِنْ كَانَ بَعْدَ سَمَاعِهِمُ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ نَفْسُهُ آيَةٌ مُسْتَلْزِمَةٌ لِصِدْقِهِ، وَنَفْسُ كَلَامِهِ وَإِخْبَارُهُ بِأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ مَعَ مَا يُعْرَفُ مِنْ أَحْوَالِهِ مُسْتَلْزِمٌ لِصِدْقِهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ الصِّدْقِ، وَبَرَاهِينِهِ.
بَلْ خَدِيجَةُ قَالَتْ لَهُ: كَلَّا، وَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتُقْرِي الضَّيْفَ،

الصفحة 511