كتاب شعب الإيمان (اسم الجزء: 1)

§بَابُ الْقَوْلِ فِيمَنْ يَصِحُّ إِيمَانُهُ، أَوْ لَا يَصِحُّ " قَالَ اللهُ عز وجل: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: 59]، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَثْبُتُ عَلَيْهِمِ الْفَرْضُ فِي إِيذَانِهِمْ فِي الِاسْتِئْذَانِ إِذَا بَلَغُوا قَالَ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ، وَالْأَرْضِ} إِلَى قَوْلِهِ {لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: 164]، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ {لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190]، وَخَاطَبَ بِالْفَرَائِضِ مَنْ عَقلَهَا "
86 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، حدثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا: حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، -[187]- عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" §رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ" وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ إِسْلَامِ عَلِيٍّ، وَصَلَاتِهِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:" لَمَّا أَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِسْلَامِ وَالصَّلَاةِ فَهُوَ أَحَدُ شَيْئَيْنِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ خَصَّهُ بِالْخِطَابِ لَمَّا صَارَ مِنْ أَهْلِ التَّمْيِيزِ، وَالْمَعْرِفَةِ دُونَ سَائِرِ الصِّغَارِ لِيَكُونَ ذَلِكَ كَرَامَةً لَهُ، وَمَنْقَبَةً، فَلَمَّا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْخِطَابُ وَالدَّعْوَةُ صَحَّتْ مِنْهُ الْإِجَابَةُ، وَسَائِرُ الصِّغَارِ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمُ الْخِطَابُ، وَالدَّعْوَةُ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمُ الْإِسْلَامُ، أَوْ يَكُونُ خِطَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ بِالدُّعَاءِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَالصَّلَاةِ يَوْمَئِذٍ عَلَى أَنَّهُ بَالِغٌ عِنْدَهُ لِأَنَّ الْبُلُوغَ بِالسِّنِّ لَيْسَ مِمَّا شُرِعَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ بَلْ لَيْسَ يُحْفَظُ قَبْلَ قِصَّةِ ابْنِ عُمَرَ فِي أُحُدٍ، وَالْخَنْدَقِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَجْرُونَ فِي ذَلِكَ عَلَى -[188]- رَأْيِهِمْ، وَمَا تَعَارَفُوهُ مِنْ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُولَدَ لَهُ، وَالرَّجُلَ مَنْ يُمْكِنُ أَنْ يُولَدَ لَهُ، وَكَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ابْنَ عَشْرَ سِنِينَ لَمَّا أَسْلَمَ"" وَظَاهِرُ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ ابْنُ عَشْرٍ أَنَّهُ اسْتَكْمَلَ عَشْرًا، وَدَخَلَ فِي الْحَادِيَ عَشَرَ، وَمَنْ بَلَغَ هَذَا السِّنَّ فَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُولَدَ لَهُ، فَلَمَّا شُرِعَ الْبُلُوغُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالسِّنينِّ نُظِرَ إِلَى السِّنِّ الَّتِي كُلُّ مَنْ بَلَغَهَا جَازَ أَنْ يُولَدَ لَهُ دُونَ السِّنِّ الَّتِي يَنْدُرُ مِمَّنْ بَلَغَهَا الْإِيلَادُ، وَكَانَ مَنْ قَصُرَتْ سِنُوهُ عَنْ ذَلِكَ الْحَدِّ صَغِيرًا فِي الْحُكْمِ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَصِحَّ إِسْلَامُهُ وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ السُّنَنِ، وَفِي كِتَابِ الْفَضَائِلِ سَائِرَ مَا قِيلَ فِيهِ"

الصفحة 186