كتاب شعب الإيمان (اسم الجزء: 1)

§فَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَعْرِفَةِ صِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ " حَقِيقَةُ الْمَعْرِفَةَ أَنْ نَعْرِفَهُ مَوْجُودًا قَدِيمًا، لَمْ يَزَلْ وَلَا يَفْنَى أَحَدًا صَمَدًا شَيْئًا وَاحِدًا لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْوَهْمِ، وَلَا يَتَبَعَّضُ وَلَا يَتَجَزَّأُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ، وَلَا عَرَضٍ، وَلَا جِسْمٍ قَائِمًا بِنَفْسِهِ مُسْتَغْنِيًا عَنْ غَيْرِهِ حَيًّا قَادِرًا عَالِمًا مُرِيدًا سَمِيعًا بَصِيرًا مُتَكَلِّمًا لَهُ الْحَيَاةُ، وَالْقُدْرَةِ وَالْعِلْمُ، وَالْإِرَادَةُ وَالسَّمْعُ، وَالْبَصَرُ، وَالْكَلَامُ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ هُوَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ، وَلَا يُشْبِهُ شَيْءٌ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ صِفَاتِ الْمَصْنُوعَاتِ، وَلَا يُقَالُ فِيهَا: إِنَّهَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ وَلَا هِيَ هُوَ وَغَيْرُهُ وَلَا يُقَالُ: إِنَّهَا تُفَارِقُهُ، أَوْ تُجَاوِزُهُ، أَوْ تُخَالِفُهُ، أَوْ تُوَافِقُهُ، أَوْ تُحِلُّهُ بَلْ هِيَ نُعُوتٌ لَهُ أَزَلِيَّةٌ، وَصِفَاتٌ لَهُ أَبَدِيَّةٌ تَقُومُ بِهِ مَوْجُودَةٌ بِوُجُودِهِ قَائِمَةٌ بِدَوَامِهِ لَيْسَتْ بِأَعْرَاضٍ وَلَا بِأَغْيَارٍ، وَلَا حَالَّةٍ فِي أَعْضَاءٍ غَيْرِ مُكَيَّفَةٍ بِالتَّصَوُّرِ فِي الْأَذْهَانِ وَلَا مَقْدُورَةٍ بِالتَّمْثِيلِ فِي الْأَوْهَامِ، فَقُدْرَتُهُ تَعُمُّ الْمَقْدُورَاتِ، وَعِلْمُهُ يَعُمُّ الْمَعْلُومَاتِ وَإِرَادَتُهُ تَعُمُّ الْمُرَادَاتِ لَا يَكُونُ إِلَّا مَا يُرِيدُ، وَلَا يُرِيدُ مَا لَا يَكُونُ وَهُوَ الْمُتَعَالِي عَنِ الْحُدُودِ، وَالْجِهَاتِ، وَالْأَقْطَارِ، وَالْغَايَاتِ الْمُسْتَغْنِي عَنِ الْأَمَاكِنِ، وَالْأَزْمَانِ لَا تَنَالُهُ الْحَاجَاتِ، وَلَا تَمَسُّهُ الْمَنَافِعُ، وَالْمَضَرَّاتُ، وَلَا تَلْحَقُهُ اللَّذَّاتُ، وَلَا الدَّوَاعِي، وَلَا الشَّهَوَاتُ، وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا جَازَ عَلَى الْمُحْدَثَاتِ يَدُلُّ عَلَى حُدُوثِهَا،

الصفحة 205