كتاب شعب الإيمان (اسم الجزء: 1)

اللهَ - وَاللهُ اسْمُهُ - أَنْ يَكُونَ عَبَدَ اسْمَهُ، أَمَّا غَيْرُهُ وَأَمَّا لَا، فقَالُ له: إِنَّهُ هُوَ وَذَلِكَ مُحَالٌ. وَقَوْلُهُ: " إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا " مَعْنَاهُ تَسْمِيَّاتِ الْعِبَادِ لِلَّهِ لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ وَاحِدٌ، قَالَ الشَّاعِرُ: إِلَى الْحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكُمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَرَادَ ثُمَّ السَّلَامُ عَلَيْكُمَا، لِأَنَّ اسْمَ السَّلَامِ هُوَ السَّلَامُ. وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَجْرَى الْأَسْمَاءَ مُجْرَى الصِّفَاتِ. وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيهَا. وَالْمُخْتَارُ مِنْ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -
102 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ حَسَّانَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ سَعِيدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {§تَبَارَكَ} [الأعراف: 54] فَقَالَ: " ارْتَفَعَ وَعَلَا " فَصْلٌ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى أَطْرَافِ الْأَدِلَّةِ فِي مَعْرِفَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفِي حَدَثِ الْعَالَمِ الْعَالَمُ عِبَارَةُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ غَيْرِ اللهِ هُوَ جُمْلَةُ الْأَجْسَامِ وَالْأَعْرَاضِ وَجَمِيعُ ذَلِكَ مَوْجُودٌ عَنْ عَدَمٍ بِإِيجَادِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاخْتِرَاعِهِ إِيَّاهُ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [الروم: 27]-[250]- وَسُئِلَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَدْءِ هَذَا الْأَمْرِ فَقَالَ " كَانَ اللهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ " ثُمَّ ذَكَرَ الْخَلْقَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ فِي الْعَقْلِ دَلِيلٌ عَلَى حَدَثِ الْأَجْسَامِ؟ قِيلَ: نَعَمْ وَقَدْ وَجَدْنَا الْأَجْسَامَ لَا تَنْفَكُّ عَنِ الْحَوَادِثِ الْمُتَعَاقِبَةِ عَلَيْهَا كَالِاجْتِمَاعِ وَالِافْتِرَاقِ وَالسُّكُونِ وَالْحَرَكَةِ وَالْأَلْوَانِ وَالطُّعُومِ وَالْأَرَايِحِ وَمَا لَمْ يَنْفَكَّ مِنَ الْحَوَادِثِ وَلَمْ يَسْبِقْهَا مُحْدَثٌ مِثْلُهَا وَإِنْ قَالَ: وَهَلْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى حَدَثِ الْأَعْرَاضِ؟ قِيلَ: نَعَمْ قَدْ وَجَدْنَاهَا تَتَضَادُّ فِي الْوُجُودِ وَلَا يَصِحُّ وُجُودُ جَمِيعِهَا مَعًا فِي مَحَلٍّ فَثَبَتَ أَنَّ بَعْضَهَا يَبْطُلُ بِبَعْضٍ وَمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْبُطْلَانُ لَا يَكُونُ إِلَّا حَادِثًا، لِأَنَّ الْقَدِيمَ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَصِحُّ عَلَيْهِ الْعَدَمُ فَإِنْ قَالَ: فَهَلْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَوَادِثَ لَابُدَّ لَهَا مِنْ مُحْدِثٍ؟ قِيلَ: نَعَمْ حَقِيقَةُ الْمُحْدَثِ مَا وُجِدَ عَنْ عَدَمٍ وَلَوْلَا أَنَّ مَوْجُودًا أَوْجَدَهُ لَمْ يَكُنْ وُجُودُهُ أَوْلَى مِنْ عَدَمِهِ وَيَتَقَدَّمُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَلَوْلَا أَنَّ مُقَدِّمًا قَدَّمَ مَا تَقَدَّمَ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ حُدُوثُهُ مُتَقَدِّمًا أَوْلَى مِنْ حُدُوثِهِ مُتَأَخِّرًا وَكَذَلِكَ وُجُودُ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضِ الْهَيْئَاتِ الْمَخْصُوصَةِ يَدُلُّ عَلَى جَاعِلٍ خَصَّهُ بِتلكَ لَوْلَاهُ لَمْ يَكُنْ بَعْضُ الْهَيْئَاتِ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ وَلِأَنَّا نُشَاهِدُ الْأَجْسَامَ يَنتقَّلُ أَسْبَابُهَا، وَتَتَبَدَّلُ أَحْوَالُهَا فَلَوْلَا أَنَّ مُنْقِلًا نَقَلَهَا، لَمْ يَكُنِ انْتِقَالُهَا أَوْلَى مِنْ بَقَائِهَا عليها وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى تَعَلُّقَهَا بِمَنْ نَقَلَهَا، -[251]- وَحَاجَتَهَا إِلَى مَنْ غَيَّرَهَا، وأَنَّهَا مَصْنُوعَةٌ، وَأَنَّ لَهَا صَانِعًا غَيْرَهَا، وَنَحْنُ نُصَوِّرُهُ فِي الْإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي غَايَةِ الْكَمَالِ وَالتَّمَامِ، بَإِنَّهُ كَانَ نُطْفَةً، ثُمَّ عَلَقَةً، ثُمَّ مُضْغَةً، ثُمَّ عِظَامًا وَلَحْمًا وَدَمًا وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ نَفْسَهُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، لِأَنَّا نَرَاهُ فِي حَالٍ كَمَالِ قُوَّتِهِ وَتَمَامِ عَقْلِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُحْدِثُ لِنَفْسِهِ سَمْعًا وَلَا بَصَرًا، وَلَا أَنْ يَخْلُقَ لِنَفْسِهِ جَارِحَةً، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَبْلَ تَكَامُلِهِ وَاجْتِمَاعِ قُوَّتِهِ عَنْ ذَلِكَ أَعْجَزُ. وَقَدْ رَأَيْنَاهُ طِفْلًا ثُمَّ شَابًّا، ثُمَّ كَهْلًا ثُمَّ شَيْخًا. وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ نَفْسَهُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ نَاقِلًا نَقَلَهُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ وَدَبَّرَهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ الْقُطْنَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَحَوَّلَ غَزْلًا مَفْتُولًا ثُمَّ ثَوْبًا مَنْسُوجًا مِنْ غَيْرِ صَانِعٍ وَلَا مُدَبِّرٍ، وَالطِّينَ وَالْمَاءَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَصِيرَا بِنَاءً مُشَيَّدًا مِنْ غَيْرِ بَانٍ، وَكَمَا لَا يَجُوزُ صَانِعٌ لَا صُنْعَ لَهُ. لَا يَجُوزُ صُنْعٌ إلَا مِنْ صَانِعٍ. وَقَدْ نَبَّهَنَا اللهُ تَعَالَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْعِبَرِ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ، وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا، وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ، وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ، وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ، وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ}. وَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَنْ لَكُمْ بِأَنَّ أَثَرَ الصُّنْعِ مَوْجُودٌ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ؟ قَالَ الْحَلِيمِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - قِيلَ لَهُ إِنَّ السَّمَاءَ جِسْمٌ مَحْدُودٌ مُتَنَاهٍ، فَالْمَحْدُودُ الْمُتَنَاهِي لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا، لِأَنَّ -[252]- الْقَدِيمَ هُوَ الْمَوْجُودُ الَّذِي لَا سَبَبَ لِوُجُودِهِ، وَمَا لَا سَبَبَ لِوُجُودِهِ، فَلَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ لَهُ نِهَايَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ وُجُودُهُ إِلَى تِلْكَ النِّهَايَةِ أَوْلَى مِنْ وُجُودِهِ دُونَهَا، أَوْ وَرَائهَا، ولِأَنَّ الْمُتَنَاهِيَ لَا يَكُونُ خَالِصَ الْوُجُودِ لِأَنَّهُ إِلَى نِهَايَتِهِ يَكُونُ مَوْجُودًا، ثُمَّ يَكُونُ وَرَاءَ نِهَايَتِهِ مَعْدُومًا، وَالْقَدِيمُ لَا يُعْدَمُ. فَصَحَّ أَنَّ الْمُتَنَاهِيَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا، وَالسَّمَاءُ مُتَنَاهِيَةٌ، فَثَبَتَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِقَدِيمٍ، فَإِنْ قِيلَ: وَمَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا مُتَنَاهِيَةٌ؟ قِيلَ: الدَّلِيلُ عَلَى ذلك أَنَّهَا مُتَنَاهِيَةٌ عِيَانًا مِنَ الْجِهَةِ الَّتِي تَلِينَا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا مُتَنَاهِيَةٌ مِنَ الْجِهَاتِ الَّتِي لا نَرَاهَا ولَا نُشَاهِدُها، لِأَنَّ تَنَاهِيَهَا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ قَدْ أَوْجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ مَا يَلِينَا مِنْهَا قَدِيمًا مَوْجُودًا إِلَّا بِسَبَبٍ، فَصَحَّ، أَنَّ مَا لَا تَلِينَا مِنْهَا فَهِيَ كَذَلِكَ أَيْضًا، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ، وَاحِدٌ بَعْضُهُ قَدِيمٌ وَبَعْضُهُ غَيْرَ قَدِيمٍ، وَأَيْضًا فَإِنَّ السَّمَاءَ جِسْمٌ ذُو أَجْزَاءٍ، كُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ مَحْدُودٌ مُتَنَاهٍ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ جَمِيعَهَا مَحْدُودٌ مُتَنَاهٍ - ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ إِلَى أَنْ قَالَ - " وَمَا قُلْتُهُ فِي السَّمَاءِ فَهُوَ فِي الْأَرْضِ مِثْلُهُ وَأَبَيْنُ، لِأَنَّ أَجْزَاءَ الْأَرْضِ تَقْبَلُ فِي الْعَيَانِ أَنْوَاعًا مِنَ الِاسْتِحَالَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَاءُ وَالْهَوَاءُ لِأَنَّ أَجْزَاءَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَجْتَمِعُ مَرَّةً، وَيَفْتَرِقُ أُخْرَى، وَيَنْتَقِلُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، فَصَارَ حُكْمُهَا حُكْمَ غَيْرِهَا مِنَ الْأَجْسَامِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي الْحَاجَةِ إِلَى مُغَيِّرٍ غَيَّرَهَا، وَنَاقِلٍ نَقَلَهَا، وَهُوَ الله الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ " قَالَ: الْبَيْهَقِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَهَلْ فِي الْعَقْلِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُحْدِثَهَا -[253]- وَاحِدٌ؟ قِيلَ: نَعَمْ وَهُوَ اسْتِغْنَاءُ الْجَمِيعِ فِي حُدُثِهِ بِمُحْدِثٍ وَاحِدٍ، وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ لَا يَنْفَصِلُ مِنْهَا عَدَدٌ مِنْ عَدَدٍ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْعَالَمِ صَانِعَانِ لَكَانَ لَا يَجْرِي تَدْبِيرُهُمَا عَلَى نَظْمٍ، وَلَّا يتسق عَلَى أَحْكَامٍ، كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللهَ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللهِ} [الأنبياء: 22]. وَلَكَانَ الْعَجْزُ يَلْحَقُهُمَا، أَوْ أَحَدَهُمَا وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا إِحْيَاءَ جِسْمٍ، أَرَادَ الْآخَرُ إِمَاتَتَهُ، كَانَ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَتِمَّ مُرَادُهُمَا، وَهَذَا مُسْتَحِيلٌ، أَوْ لَا يَتِمُّ مُرَادُهُمَا، أَوْ مُرَادُ أَحَدِهِمَا دُونَ صَاحِبِهِ، وَمَنْ لَمْ يَتِمَّ مُرَادُهُ كَانَ عَاجِزًا، وَالْعَاجِزُ لَا يَكُونُ إِلَهًا ولا قَدِيمًا، وَبعِبَارَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ حَالَ الِاثْنَيْنِ لَا يَخْلُو مِنْ صِحَّةِ الْمُخَالَفَةِ، أَوْ تَعَذُّرِ الْمُنَازَعَةِ، فَإِنْ صَحَّتِ الْمُخَالَفَةُ، كَانَ الْمَمْنُوعُ مِنَ الْمُرَادِ مَوْصُوفًا بِالْقَهْرِ، وَإِنْ تَعَذَّرَتِ الْمُنَازَعَةُ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْصُوفًا بِالنَّقْصِ وَالْعَجْزِ، وَذَلِكَ يَمْنَعُ مِنَ التَّشبِيَهِ، وَقَدْ دَعَانَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى تَوْحِيدِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ بِمَا أَرَانَا مِنَ الْآيَاتِ، وَأَوْضَحَ لَنَا مِنَ الدَّلَالَاتِ، فَقَالَ عَزَّ وجل: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163]. قَرَأَهَا إِلَى قَوْلِهِ: {لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: 164] إِلَى سَائِرِ مَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ مِنَ الدَّلَالَاتِ عَلَى صُنْعِهِ وَتَوْحِيدِهِ "

الصفحة 249