كتاب شعب الإيمان (اسم الجزء: 1)

الْمَأْمُورِينَ بِالسُّجُودِ كَانُوا طَبَقَةً وَاحِدَةً إِلَّا أَنَّ إِبْلِيسَ لَمَّا عَصَى، وَلُعِنَ صَارَ مِنَ الْجِنِّ الَّذِينَ يَسْكُنُونَ الْأَرْضَ، وَأَيْضًا إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَ عَنِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللهِ فَقَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} [الصافات: 158] فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مِنَ الْجِنِّ، وَأَنَّ النَّسَبِ الَّذِي جَعَلُوهُ بَيْنَ اللهِ تَعَالَى وَبَيْنَ الْجِنِّ قَوْلُهُمُ الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللهِ تَعَالَى عَمَّا قَالُوا عُلُوًّا كَبِيرًا، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْإِنْسَ هُمُ الظَّاهِرُونَ وَالْجِنَّ هُمُ الْمُجْتَنُّونَ، وَالْمَلَائِكَةُ مُجْتَنُّونَ، وَأَيْضًا فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمَّا وَصَفَ الْخَلَائِقَ قَالَ: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ، وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرحمن: 15] فَلَوْ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ صِنْفًا ثَالِثًا لَمَا كَانَ يَدَعُ أَشْرَافَ الْخَلَائِقِ فَلَا يَتَمَدَّحُ بِالْقُدْرَةِ عَلَى خَلْقِهِ " قَالَ: " وَمَنْ خَالَفَ هَذَا الْقَوْلَ قَالَ إِنَّ سُكَّانَ الْأَرْضِ يَنْقَسِمُونَ إِلَى إِنْسٍ وَجِنٍّ، فَأَمَّا مَنْ خَرَجَ عَنْ هَذَا الْحَدِّ لَمْ يَلْحَقْهُ اسْمُ الْإِنْسِ وَإِنْ كَانَ مَرْئِيًّا، وَلَا اسْمُ الْجِنِّ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَرْئِيٍّ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ غَيْرُ الْجِنِّ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يَسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَخْبَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ سَبَبِ مُفَارَقَتِهِ الْمَلَائِكَةَ فَقَالَ: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: 50] فَلَوْ كَانَ كُلُّهُمْ جِنًّا لَاشْتَرَكُوا

الصفحة 298