كتاب شعب الإيمان (اسم الجزء: 1)

146 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى قَالَا: حدثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، حدثنا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، حدثنا عُثْمَانُ بْنُ زُفَرَ، حدثنا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: {§كَانَ مِنَ الْجِنِّ} [الكهف: 50] قَالَ: " كَانَ مِنَ الْجَنَّانِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْجَنَّةِ " قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: " ثُمَّ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُسَمَّوْنَ رُوحَانِيِّينَ بِضَمِ الرَّاءِ، وَسَمَّى الله عَزَّ وَجَلَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الرُّوحَ الْأَمِينَ، وَرُوحَ الْقُدُسِ وَقَالَ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} [النبأ: 38] فَقِيلَ إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقِيلَ إِنَّهُ مَلَكٌ عَظِيمٌ سِوَى جِبْرِيلَ يَقُومُ وَحْدَهُ صَفًّا، وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا، وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ الرُّوحُ جَوْهَرٌ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُؤَلِّفَ اللهُ عز وجل، أَرْوَاحًا فَيُجَسِّمَهَا وَيَخْلُقَ خَلْقًا نَاطِقًا عَاقِلًا، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَجْسَامُ الْمَلَائِكَةِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ مُخْتَرَعَةً كَمَا اخْتَرَعَ عِيسَى، وَنَاقَةَ صَالِحٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، -[307]- وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ رَوْحَانِيُّونَ - بِفَتْحِ الرَّاءِ - بِمَعْنَى أَنَّهُمْ لَيْسُوا مَحْصُورِينَ فِي الْأَبْنِيَةِ، وَالظُّلَلِ وَلَكِنَّهُمْ فِي فُسْحَةٍ، وَبَسَاطَةٍ وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَةِ هُمُ الرُّوحَانِيُّونَ وَمَلَائِكَةَ الْعَذَابِ هُمُ الْكَرُوبِيُّونَ فَهَذَا مِنَ الْكَرْبِ، وَذَاكَ مِنَ الرُّوحِ وَاللهُ أَعْلَمُ " قَالَ رَحِمَهُ اللهُ: وَذَكَرَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: " أَنَّ الْكَرُوبِيِّينَ سُكَّانُ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ يَبْكُونَ، وَيَنْتَحِبُونَ " " وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَخْبَارَ الَّتِي وَرَدَتْ فِي تَفْسِيرِ الرُّوحِ، وَالْمَلَكِ الَّذِي يُسَمَّى رُوحًا فِي الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ كِتَابِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ قَدِيمًا، وَحَدِيثًا فِي الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ، وَالْبَشَرِ فَذَهَبَ ذَاهِبُونَ إِلَى أَنَّ الرُّسُلَ مِنَ الْبَشَرِ أَفْضَلُ مِنَ الرُّسُلِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَالْأَوْلِيَاءُ مِنَ الْبَشَرِ أَفْضَلُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ الْمَلَأَ الْأَعْلَى مُفَضَّلُونَ عَلَى سُكَّانِ الْأَرْضِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَوْلَيْنِ وَجْهٌ "

الصفحة 306