كتاب شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)
وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ فِي عَامَّةِ الْأَوْقَافِ مُشْفِقًا وَجِلًا مِنْ إِعْرَاضِهِ عَنْهُ، وَسَلْبِهِ مَعْرِفَتَهُ الَّتِي أَكْرَمَهُ بِهَا وَتَوْحِيدَهُ الَّذِي حَلَّاهُ وَزَيَّنَهُ بِهِ. وَالسَّادِسُ: أَنْ تَكُونَ آمَالُهُ مُنْعَقِدَةٌ بِهِ لَا يَرَى فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ أَنَّهُ غَنِيٌّ عَنْهُ. والسَّابِعُ: أَنْ يَحْمِلَهُ تَمَكُّنُ هَذِهِ الْمَعَانِي فِي قَلْبِهِ عَلَى أَنْ يُدِيمَ ذِكْرَهُ بِأَحْسَنِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. وَالثَّامِنُ: أَنْ يَحْرِصَ عَلَى أَدَاءِ فَرَائِضِهِ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ مِنْ نوافلِ الْخَيْرِ بِمَا يُطِيقُهُ. وَالتَّاسِعُ: أَنَّهُ إِنْ سَمِعَ مِنْ غَيْرِهِ ثَنَاءً عَلَيْهِ وَعَرَفَ مِنْهُ تَقَرُّبًا إِلَيْهِ وَجِهَادًا فِي سَبِيلِهِ سِرًّا، أَوْ إِعْلَانًا مَالَاهُ وَوَالَاهُ. وَالْعَاشِرُ: أَنَّهُ إِنْ سَمِعَ مِنْ أَحَدٍ ذِكْرًا لَهُ أَعَانَهُ بِمَا يُجلُّ عَنْهُ، أَوْ عَرَفَ مِنْهُ غَيًّا عَنْ سَبِيلِهِ سِرًّا، أَوْ عَلَانِيَةً بَايَنَهُ وَنَاوَأَهُ " " فَإِذَا اسْتَجْمَعَتْ هَذِهِ الْمَعَانِي فِي قَلْبِ أَحَدٍ فَاسْتِجْمَاعُهَا هُوَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِاسْمِ مَحَبَّةِ اللهِ تَعَالَى جَدُّهُ، وَهِيَ وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ مُجْتَمِعَةً فِي مَوْضِعْ، فَقَدْ جَاءَتْ مُتَفَرِّقَةً عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ دَوَّنَهُ " فَمِنْ ذَلِكَ مَعْنَى مَا:
404 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأَبْهَرِيُّ الصُّوفِيُّ بِهَمْدَانَ، حدثنا -[11]- أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَاذَانَ الصُّوفِيُّ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حدثنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حدثنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّوْفَلِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §أَحِبُّوا اللهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ بِهِ مِنَ النِّعْمَةِ، وَأَحِبُّونِي لِحُبِّ اللهِ، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي لِحُبِّي " -[12]- قَالَ الْبيهقىُّ رَحِمَهُ اللهُ: " وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَامَّةً لِأَنْعُمِهِ كُلِّهَا، وَأَنْ يَكُونَ اسْمُ الْغِذَاءِ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَبِ حَقِيقَةً، وَلِمَا عَدَاهُمَا مِنَ التَّوْفِيقِ وَالْهِدَايَةِ وَنَصْبِ أَعْلَامِ هَذِهِ الْمَعْرِفَةِ وَخُلُوِّ الْحَوَاسِّ وَالْعَقْلِ مَجَازًا، أَوْ يَكُونَ جَمِيعُ ذَلِكَ بِالِاسْمِ مُرَادًا، فَقَدْ جَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلَاثُ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَقَدْ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ " وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: " طَعْمَ الْإِيمَانِ "، وَإِنَّمَا يَكُونُ الطَّعْمُ لِلْأَغْذِيَةِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهَا، فَإِذَا جَازَ وَصْفُ الْإِيمَانِ بِالطَّعْمِ جَازَتْ تَسْمِيَتُهُ غِذَاءً فَيَدْخُلُ الْإِيمَانُ فِي جَمِيعِ نِعَمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَاللهُ أَعْلَمُ "
الصفحة 10