كتاب شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)
1222 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلَمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الرَّازِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْكَتَّانِيَّ، يَقُولُ: §" التَّوَكُّلُ فِي الْأَصْلِ اتِّبَاعُ الْعِلْمِ وَفِي الْحَقِيقَةِ اسْتِعْمَالُ الْيَقِينِ "
1223 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلَمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ الْفَارِسِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ جَعْفَرًا الْخَلَدِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ الْخَوَّاصَ، يَقُولُ: §" التَّوَكُّلُ تَنَاوُلُ السَّبَبِ مِنَ اللهِ "
1224 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلَمِيُّ، قَالَ، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ: " §التَّوَكُّلُ أَنْ لَا يَخْطُرَ بِقَلْبِكَ نَافِعٌ وَلَا ضَارًّ غَيْرُهُ، وَأَنْ تَسْتَلِمَ لِكُلِّ حَالٍ يَرِدُ عَلَيْكَ، وَلَا يَضْطَرِبَ قَلْبُكَ مِنْهُ " وَقَالَ: " التَّوَكُّلُ قَطْعُ الطَّمَعِ عَنِ الْخَلْقِ وَتَرْكُ طَلَبِ الْحِيلَةِ مِنْهُمْ " وَقَالَ: " التَّوَكُّلُ التَّطَاوُلُ إِلَى الْأَلْوَانِ وَمَا فِيهَا بِعَيْنِ النَّقْصِ، وَالرُّجُوعُ إِلَى مَنْ لَا يَلْحَقُهُ النَّقْصُ بِحَالٍ "
1225 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ فَارِسَ بْنَ عِيسَى الصُّوفِيَّ، - وَكَانَ مِنَ الْمُتَحَقِّقِينَ بِعُلُومِ أَهْلِ الْحَقَائِقِ - يَقُولُ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: " §الْفُقَرَاءُ ثَلَاثَةٌ: فَقِيرٌ لَا يَسْأَلُ وَإِنْ أُعْطِيَ لَمْ يَأْخُذْ، فَذَلكَ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ، وَفَقِيرٌ لَا يَسْأَلُ وَإِنْ أُعْطِيَ أَخَذَ، فَذَلِكَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، وَفَقِيرٌ يَسْأَلُ وَكَفَّارَةُ مَسْأَلَتِهِ صَدَقَةٌ " قَالَ فَارِسٌ: شَرْطُ الطَّلَبِ أَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ غَيْرَ مُعْتَقِدٍ أَوَلًا أَنْ لَا سَبَبَ لِلطَّلَبِ وَلَا مُمَيِّزَ، وَلَا قَاصِدًا إِلَى زَيْدٍ دُونَ عَمْرٍو وَلَا إِلَى عَمْرٍو دُونَ زَيْدٍ بِأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ، وَيَطْلُبُ الرِّزْقَ مِنْ حَيْثُ أُمِرَ، فَيَكُونُ اللهُ الْمُعْطِي وَالْعَبْدُ سَبَبًا وَاللهُ الْمُسَبِّبُ، وَهُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ " الْحَدِيثُ -[460]- ولَمَّا أَثْبَتَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُتَوَكِّلًا لَمْ يَخْلُ مَعَ تَوَكُّلٍ مِنَ الْحَرَكَاتِ مَعَ عَدَمِ الْمَطَالِبِ، وَالْقَاصِدُ فِي حَرَكَاتِهِ، كَانَ الْمُتَحَرِّكُ بِالْوَصْفِ الَّذِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ، مُتَوَكِّلًا مَعَ وُجُودِ الْحَرَكَةِ مِنْهُ كَالطَّيْرِ مَعَ وُجُودِ الْحَرَكَةِ فِيهِ بِتَصْحِيحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّوَكُّلَ لَهُ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ الْحَرَكَةِ عَلَى مَعْنَى وَصْفِهِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا فَتَكَسَّبَ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ، وَشَكَرَ اللهَ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ جَعَلَهُ سَبَبًا لِمَعَاشِهِ، وَأَنَّهُ هَدَاهُ لَهُ، وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ، وَنَفَعَهُ بِهِ، ثُمَّ مَنْ زَهِدَ مِنْهُمْ فِي الدُّنْيَا وَرَغِبَ فِي الْآخِرَةِ، اكْتَفَى بِأَقَلَّ مَا يَكُونُ قُوتًا، وَتَصَدَّقَ بِالْبَاقِي، كَمَا كَانَ الْقُرَّاءُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُونَهُ، أَوِ اقْتَصَرَ عَلَى اكْتِسَابِ أَقَلِّ مَا يَكُونُ قُوتًا، ثُمَّ اشْتَغَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْعِبَادَةِ وَاللهُ أَعْلَمُ "
الصفحة 459