كتاب شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)
§الْعَاشِرُ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ، وَهُوَ بَابٌ فِي مَحَبَّةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِدُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ، وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حُبَّ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ مِنَ الْإِيمَانِ لِأَنَّ قَوْلَهُ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165] إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْإِيمَانَ يُحَرِّكُ عَلَى حُبِّ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ، وَيَدْعُو إِلَيْهِ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاءهُ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} [آل عمران: 31] فَأَبَأنَ أَنَّ اتِّبَاعَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُوجِبَاتِ مَحَبَّةِ اللهِ فَإِذَا كَانَ اتِّبَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيمَانًا، فَقَدْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُبُّ اللهِ الْمُوجِبُ لَهُ إِيمَانًا، وَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ، وَعَشِيرَتُكُمْ، وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا، وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا، وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِي اللهُ بِأَمْرِهِ، وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 24] " قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " فَأَبَانَ بِهَذَا أَنَّ حُبَّ اللهِ وَحُبَّ رَسُولِهِ، وَالْجِهَادَ فِي سَبِيلِهِ فَرْضٌ، وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ سِوَاهُ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْهُ، وَبِمِثْلِ ذَلِكَ جَاءَتِ السُّنَّةُ "
400 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حدثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ -[6]- الْوَلِيدِ بْنُ مَزْيَدَ الْبَيْرُوتِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، يقول: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي هِلَالُ بْنُ أَبِي مَيْمُونَةَ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ، حَدَّثَنِي رِفَاعَةُ بْنُ عَرَابَةَ الْجُهَنِيُّ قَالَ: صَدَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ فَجَعَلَ النَّاسُ يَسْتَأْذِنُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يَأْذَنُ لَهُمْ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا بَالُ شِقِّ الشَّجَرَةِ الَّتِي تَلِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْغَضُ إِلَيْكُمْ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ؟ " فَلَا نَرَى مِنَ الْقَوْمِ إِلَّا بَاكِيًا، قَالَ: فَيَقُولُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إِنَّ الَّذِي يَسْتَأْذِنُكَ فِي نَفْسِي بَعْدَ هَذَا لَسَفِيهٌ، قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَشْهَدُ عِنْدَ اللهِ - وَكَانَ إِذَا حَلَفَ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ - §مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ، ثُمَّ يُسَدِّدُ إِلَّا سُلِكَ بِهِ فِي الْجَنَّةِ، وَلَقَدْ وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ مِنْ أُمَّتِي الْجَنَّةَ سَبْعِينَ أَلْفًا لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَذَابَ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى تَتَبَوَّؤَا أَنْتُمْ وَمَنْ صَلُحَ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَذُرِّيَّاتِكُمْ مَسَاكِنَ فِي الْجَنَّةِ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
الصفحة 5
536