كتاب شعب الإيمان (اسم الجزء: 2)

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " §أَلَا تَعْجَبُونَ كَيْفَ يَصْرِفُ اللهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ وَلَعْنَهُمْ، يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا، وَيَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا وَأنا مُحَمَّدٌ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ سُفْيَانَ وَأَمَّا الْحَاشِرُ فَتَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ، وَمَعْنَاهُ أَوَّلُ مَنْ يُبْعَثُ مِنَ الْقَبْرِ، وَكُلُّ مَنْ عَدَاهُ فَإِنَّمَا يُبْعَثُونَ بَعْدَهُ، وَهُوَ أَوَّلَ مَنْ يُذْهَبُ بِهِ إِلَى الْمَحْشَرِ، ثُمَّ النَّاسُ بَعْدَهُ عَلَى أَثَرِهِ، -[528]- وَأَمَّا الْمَاحِي فَتَفْسِيرُهُ أَيْضًا قَدْ مَضَى فِي الْحَدِيثِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الْحَاشِرُ وَالْمَاحِي، وَإِنَّمَا سُمِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمَا لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ حَشْرَهُ سَبَبًا لِحَشْرِ غَيْرِهِ، وَنُبُوَّتِهُ سَبَبًا لِإِزْهَاقِ الْبَاطِلِ كُلِّهِ مِنَ الْكُفْرِ وَغَيْرِهِ، فَصَارَ مِنْ طَرِيقِ التَّقْدِيرِ كَأَنَّهُ الْحَاشِرُ وَالْمَاحِي وَأَمَّا الْمُقَفِّي فَمَعْنَاهُ الْمُتَّبَعُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْمُقَفِّي لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَفِّي لِمُوسَى وَعِيسَى وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَيْهِمِ السَّلَامُ لِنَقْلِ قَوْمِهِمْ، عَنِ اتِّبَاعِهِمْ إِلَى اتِّبَاعِهِ أَوْ عَنِ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ إِلَى الْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ وَأَمَّا الْعَاقِبُ وَالْخَاتَمُ فَقَدْ مَضَى تَفْسِيرُهُمَا فِي الْحَدِيثِ، وَأَمَّا نَبِيُّ الرَّحْمَةِ فَقَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ "

الصفحة 527