كتاب شعب الإيمان (اسم الجزء: 5)

3310 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أخبرنا أَبُو الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ، أنبأنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ أَعْمَالَ الْبِرِّ كُلَّهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ يَجْزِي بِهَا، فَنَرَى وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ إِنَّمَا خَصَّ الصَّوْمَ بِأَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى جَزَاءَهُ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ يَظْهَرُ مِنِ ابْنِ آدَمَ بِلِسَانٍ، وَلَا فِعْلٍ فَتَكْتُبُهُ الْحَفَظَةُ، إِنَّمَا هُوَ نِيَّةٌ فِي الْقَلْبِ، وَإِمْسَاكٌ عَنْ حَرَكَةِ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ، يَقُولُ: فَأَنَا أَتَوَلَّى جَزَاءَهُ عَلَى مَا أُحِبُّ مِنَ التَّضْعِيفِ، وَلَيْسَ عَلَى كِتَابٍ كُتِبَ لَهُ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " §لَيْسَ فِي الصَّوْمِ رِيَاءٌ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنِيهِ شبابة عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ رَفَعَهُ، قَالَ: " وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ كُلَّهَا لَا يكُونُ إِلَّا بِالْحَرَكاتِ، إِلَّا الصَّوْمَ خَاصَّةً، فَإِنَّمَا -[206]- هِيَ بِالنِّيَّةِ الَّتِي قَدْ خَفِيَتْ عَلَى النَّاسِ، فَإِذَا نَوَاها فَكَيْفَ يَكُونُ هَهُنَا رِيَاءٌ؟ هَذَا عِنْدِي وَجْهُ الْحَدِيثِ وَاللهُ أَعْلَمُ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: بَلَغَنِي، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، أَنَّهُ فَسَّرَ قَوْلَهُ فِي الصَّوْمِ، قَالَ: " لِأَنَّ الصَّوْمَ هُوَ الصَّبْرُ، يَصْبِرُ الْإِنْسَانُ عَنِ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَالنِّكَاحِ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّمَا يُوفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] يَقُولُ: فثوابُ الصَّوْمِ لَيْسَ لَهُ حِسَابٌ يُعْلَمُ مِنْ كَثْرَتِهِ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: " وَمِمَّا يُقَوِّي قَوْلَ سُفْيَانَ الَّذِي يُرْوَى فِي التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِهِ: السَّائِحُونَ هُمُ الصَّائِمُونَ، فالصَّائِمُ بِمَنْزِلَةِ السَّائِحِ "

الصفحة 205