كتاب شعب الإيمان (اسم الجزء: 5)
وَرُوِّينا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ قَدِمُوا مَكَّةَ وَقَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، §فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْمُلُوا ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ لِيُرِي الْمُشْرِكِينَ جَلَدَهُمْ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ "
وَرُوِّينا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " §فِيمَ الرَّمَلَانُ الْآنَ، وَالْكَشْفُ عَنِ الْمَنَاكِبِ، وَقَدْ أَظْهَرَ اللهُ الْإِسْلَامَ، وَنَفَى الْكُفْرَ وَأَهْلَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا نَتْرُكُ شَيْئًا كُنَّا نَصْنَعُهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
وَرُوِّينا فِي بَدْءِ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا، وَالْمَرْوَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ §إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَاءَ بِأُمِّ إِسْمَاعِيلَ وَابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهِيَ تُرْضِعُهُ -[494]- فَوَضَعَهَا عِنْدَ الْبَيْتِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمُرٌ وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ ثُمَّ قَفَّى مُنْطَلِقًا فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، وَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ تَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أُنَيْسٌ؟، قَالَتْ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: إِذًا لَا يُضَيِّعُنَا ثُمَّ رَجَعَتْ، وَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ ثُمَّ دَعَا بِهَذِهِ الدَّعَوَاتِ وَرَفَعَ يَدَهُ، وَقَالَ: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرَ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} [إبراهيم: 37] الْآيَةُ، فَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مَرَّةً مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ حَتَّى إِذَا نَفَدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَاعَ وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى أَوْ قَالَ: يَتَلَبَّطُ فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ يَلِيهَا فَقَامَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِي تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِي رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا وَسَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِي ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ، فَقَامَتْ عَلَيْهَا فَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَلذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا "، فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالَتْ: صَهٍ، تُرِيدُ نَفْسَهَا ثُمَّ تسَمَّعَتْ أَيْضًا فَسَمِعَتْ، فَقَالَتْ: قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ، فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ يَبْحَثُ بِعَقِبِهِ أَوْ قَالَ: بِجَنَاحِهِ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ فَجَعَلَتْ تَحُوضُهُ وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ الْمَاءَ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بِقَدْرِ مَا تَغْرِفُ
الصفحة 493