كتاب شعب الإيمان (اسم الجزء: 6)

4010 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ بْنَ أَبِي الْقَاسِمِ الْمُذَكِّرَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيَّ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أَبِي أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ علي الْجَوْهَرِيِّ، قَالَ: قَالَ عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ: " خَرَجْنَا فِي سَرِيَّةٍ إِلَى أَرْضِ الرُّومِ، فَصَحِبَنَا شَابٌّ لَمْ يَكُنْ فِينَا أَقْرَأُ لِلْقُرْآنِ مِنْهُ، وَلَا أَفْقَهُ مِنْهُ، وَلَا أَفْرَضُ. صَائِمٌ النَّهَارَ، قَائِمٌ اللَّيْلَ، فَمَرَرْنَا بِحِصْنٍ -[165]- لَمْ نُؤْمَرْ أَنْ نَقِفَ عَلَى ذَلِكَ الْحِصْنِ، فَمَالَ الرَّجُلُ مِنَّا عَنِ الْعَسْكَرِ، وَنَزَلَ بِقُرْبِ الْحِصْنِ فَظَنَنَّا أَنَّهُ يَبُولُ، فَنَظَرَ إِلَى امْرَأَةٍ مِنَ النَّصَارَى تَنْظُرُ مِنْ وَرَاءِ الْحِصْنِ، فَعَشِقَهَا، فَقَالَ لَهَا بِالرُّومِيَّةِ: كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَيْكِ؟ قَالَتْ: حِينَ تَتَنَصَّرُ، وَنَفْتَحُ لَكَ الْبَابَ وَأَنَا لَكَ، قَالَ: فَفَعَلَ، فَأُدْخِلَ الْحِصْنَ، قَالَ: فَقَضَيْنَا غَزَاتَنَا فِي أَشَدِّ مَا يَكُونُ مِنَ الْغَمِّ. كَانَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا يَرَى ذَلِكَ بِوَلَدِهِ مِنْ صُلْبِهِ، ثُمَّ عُدْنَا فِي سَرِيَّةٍ أُخْرَى فَمَرَرْنَا بِهِ يَنْظُرُ مِنْ فَوْقِ الْحِصْنِ مَعَ النَّصَارَى، فَقُلْنَا: يَا فُلَانُ §مَا فَعَلَ قُرْآنُكَ؟ مَا فَعَلَ عِلْمُكَ؟ مَا فَعَلَ صَلَاتُكَ وَصِيَامُكَ؟ قَالَ: اعْلَمُوا أَنِّي نَسِيتُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ، مَا أَذْكُرُ مِنْهُ إِلَّا هَذِهِ الْآيَةَ {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر: 3] ". قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ: " هَكَذَا يَكُونُ حَالُ مَنْ تُدْرِكُهُ الشَّقَاوَةُ، وَالْعِيَاذُ بِاللهِ. كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ يَكُونُ حَالُ مَنْ تُدْرِكُهُ السَّعَادَةُ. نَسْأَلُ اللهَ التَّوْفِيقَ وَالْعِصْمَةَ بِفَضْلِهِ "

الصفحة 164