كتاب شعب الإيمان (اسم الجزء: 10)
فَقَرَنَ وَصْلَ الرَّحِمِ وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ بِخَشْيَتِهِ، وَالْخَوْفِ مِنْ حِسَابِهِ، وَالصَّبْرِ عَنْ مَحَارِمِهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ لِوَجْهِهِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ فِعْلِ أُولِي الْأَلْبَابِ، ثُمَّ وَعَدَ بِهِ الْجَنَّةَ، وَزِيَارَةَ الْمَلَائِكَةِ إِيَّاهُمْ فِيهَا، وَتَسْلِيمَهُمْ عَلَيْهِ، وَمَدْحَهُمْ لَهُ، وَقَرَنَ قَطِيعَةَ الرَّحِمِ بِنَقْضِ عَهْدِ اللهِ وَالْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ لَهُمْ عِنْدَ اللهِ اللَّعْنَةَ وَسُوءَ الْمُنْقَلَبِ، فَثَبَتَ بِالْآيَتَيْنِ مَا فِي صِلَةِ الرَّحِمِ مِنَ الْفَضْلِ، وَفِي قَطْعِهَا مِنَ الْوِزْرِ وَالْإِثْمِ. وَذَكَرَ سَائِرَ مَا وَرَدَ فِي هَذَا الْمَعْنَى: أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ "
7557 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، نا أَبُو دَاوُدَ، نا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ لِلرَّحِمِ لِسَانًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَقُولُ: يَا رَبِّ قُطِعْتُ يَا رَبِّ ظُلِمْتُ، يَا رَبِّ أُسِيءَ إِلَيَّ، فَيُجِيبُهَا رَبُّهَا: §أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعُ مَنْ قَطَعَكِ؟ "
7558 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أنا الْحَسَنُ بْنُ -[319]- سُفْيَانَ، نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي مُزَرِّدٍ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الْحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: مَهْ، فَقَالَتْ: هَذَا مَكَانُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، §أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَذَاكَ لَكِ "، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقْرَأُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ، وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ، فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 23] " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ حَاتِمٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، قَوْلُهُ: " فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ " مَعْنَاهُ: اسْتَجَارَتْ بِاللهِ، واعْتَصَمَتْ بِهِ، كَمَا تَقُولُ -[320]- الْعَرَبُ: تَعَلَّقْتُ بِظِلِّ جَنَاحِهِ، أَيِ اعْتَصَمْتُ بِهِ، وَقِيلَ: الْحِقْوُ: لِلْإِزَارِ، وَإِزَارُ اللهِ عَزَّ جَلَّ عِزُّهُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مَوْصُوفٌ بِالْعِزِّ، فَاسْتَعَاذَتِ الرَّحِمُ بِعِزِّ اللهِ مِنَ الْقَطِيعَةِ، وَلَاذَتْ بِهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْعَرْشُ، فَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّهُ قَالَ: الرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ "
الصفحة 318