كتاب شعب الإيمان (اسم الجزء: 11)

8110 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ، نا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَبِي عُثْمَانَ سَعِيدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ يَسْأَلُ النَّاسَ لِبَعْضِ الْمَسْتُورِينِ، فَقَامَ سَائِلٌ وَأَلْحَفَ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ: " يَا هَذَا، مَنْ سَأَلَ النَّاسَ فِي الْأَسْوَاقِ وَفِي الْجَامِعِ، فَإِنِّي لَا أَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِهِ، وَإِنَّمَا أَسْأَلُ فِي أَمْرِ مَسْتُورٍ عَفِيفٍ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ "، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: إِنَّكَ لَا تَسْأَلُ اللهَ، فَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ: " إِنْ كُنْتُ كَمَا قُلْتَ غَفَرَ اللهُ لِي، وَإِنْ كُنْتُ غَيْرَ مَا قُلْتَ فَغَفَرَ اللهُ لَكَ "، ثُمَّ ذَكَرَ أَبُو عُثْمَانَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ حَبَسَ رَجُلًا فَجَاءَ قَوْمُهُ، فَقَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكَ §تَنْهَى عَنِ السَّوْءِ ثُمَّ تَأْتِيهِ فِي السِّرِّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَوَ قُلْتُمُوهَا "؟ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَّى سَبِيلَ الرَّجُلِ، ثُمَّ قَالَ أَبُو عُثْمَانَ لِأَهْلِ الْمَجْلِسِ: كُلُّ مَنْ أَرَادَ كَرَامَتِي فَلْيُكْرِمْ هَذَا السَّائِلَ
8111 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: كَانَ أَبُو عُثْمَانَ يَمِيلُ إِلَى الْأَثْوَابِ الْفَاخِرَةِ فَانْصَرَفَ ابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ مِنَ الْعِرَاقِ سَنَةً مِنَ السِّنِينِ وَقَدْ سَوَّى لَهُ دَسْتَ ثِيَابٍ مِنْ أَحْسَنِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَلْبَسَهُ يَوْمَ مَجْلِسِهِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ أَبُو عُثْمَانَ، فَقَامَ فِي آخِرِ مَجْلِسِهِ سَائِلٌ، فَسَأَلَ فَزَبَرَهُ النَّاسُ وَقَالُوا لَهُ: اجْلِسْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الدُّعَاءِ، فَأَقْبَلَ السَّائِلُ عَلَى أَبِي عُثْمَانَ، وَقَالَ: أَيُّهَا اللِّصُّ الْقَاطِعُ الْمُرَائِي، تَلْبَسُ مِثْلَ هَذِهِ الْأَثْوَابِ وَتَأْوِي إِلَى سَكَنٍ وَكِفَايَةٍ، وَأَنْتَ تَنْظُرُ إِلَى فَقْرِنَا وَضَعْفِنَا؟ قَالَ: §" فَمَدَّ أَبُو عُثْمَانَ يَدَهُ إِلَى عِمَامَتِهِ وَنَزَعَهَا عَنْ رَأْسِهِ ثُمَّ رَمَى بِهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ إِلَى رِدَائِهِ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ، وَنَزَعَ الدُّرَّاعَةَ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لِأَهْلِ الْمَجْلِسِ: سَأَلْتُكُمْ بِحُرْمَةِ الْإِسْلَامِ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ بِكُلِّ مَا أَمْكَنَكُمْ "، قَالَ: -[33]- فَاجْتَمَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْأَثْوَابِ وَالْخَوَاتِيمِ وَالْخَلَاخِلِ وَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ شَيْءٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ: " يَا هَذَا، إِنْ كُنْتُ أَنَا كَمَا ذَكَرْتَهُ فَإِنِّي أَسْأَلُ الرَّبَّ أَنْ يَغْفِرَ لِي وَيَتُوبَ عَلَيَّ، وَإِنْ لَمْ أَكُنْ كَذَلِكَ فَإِنِّي أَسْأَلُهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكَ، وَقَدْ نَوَيْتُ إِنْ شَفَّعَنِي فِي غَيْرِي أَنْ أَشْفَعَ لَكَ "

الصفحة 32