كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 1)

إدراك الجمعة أو الجماعة تربو على تحصيل أجر ترك المكروه؛ فالمفسدة في ارتكاب المكروه مغمورة في فضل تحصيل الواجب إلا أن يقال: ترك النهي مقدم على فعل المأمور؛ لحديث: إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. متفق عليه (¬١).
ومن قال: يغتفر الإسراع اليسير لإدراك تكبيرة الإحرام أو لإدراك الركعة استشهد ببعض الآثار عن الصحابة، وهي معارضة بآثار أخرى بعدم الإسراع مطلقًا، سنأتي على تخريجها إن شاء الله تعالى.
• دليل من قال: يكره الإسراع مطلقًا:
الدليل الأول:
(ح-١٠٤٥) ما رواه البخاري ومسلم من طريق شيبان، عن يحيى، عن عبد الله بن أبي قتادة،
عن أبيه، قال: بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ سمع جلبة رجال، فلما صلى قال: ما شأنكم؟ قالوا: استعجلنا إلى الصلاة؟ قال: فلا تفعلوا، إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا (¬٢).
الدليل الثاني:
(ح-١٠٤٦) ما رواه البخاري ومسلم من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة،
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إذا سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصلاة، وعليكم بالسكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬٣).
وجه الاستدلال:
• اشتمل حديث أبي هريرة على ثلاثة أمور:
الأمر الأول: الأمر بالمشي إلى الصلاة، وهو ينافي السعي، ولأن الأمر
---------------
(¬١). البخاري (٧٢٨٨)، وصحيح مسلم (١٣٠ - ١٣٣٧).
(¬٢). البخاري (٦٣٥)، وصحيح مسلم (١٥٥ - ٦٠٣).
(¬٣). صحيح البخاري (٦٣٦)،.

الصفحة 31