كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
حيث جعل الماشي للصلاة حين كان له أجر المصلي حكمًا رأى اجتهادًا منه أنه يلزمه حكم المصلي، وهذا موضع اجتهاد، وليس نصًّا مرفوعًا للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يلزم من إعطاء الساعي للصلاة حكم المصلي أن يلزمه ما يلزم المصلي من كل وجه، فهو يباح له الكلام، والضحك، والمشي، والانصراف عن القبلة، فالصلاة تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم، فقبل أن يكبر لا يلزمه ما يلزم المصلي، وإن قضي أنه في صلاة من حيث الأجر والمثوبة، فلو كان له حكم المصلي من كل وجه لمنع من كل ما يمنع منه المصلي، ولا قائل به.
وأما المخالفة: فهو أن أبا خالد وعيسى بن يونس روياه عن سعد بن إسحاق، عن سعيد بن أبي سعيد، وقال أنس والدراوردي عن سعد، عن أبي سعيد.
وقد رواه الضحاك بن عثمان (مدني صدوق) كما في السنن الكبرى للبيهقي (٣/ ٣٢٦) عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي ثمامة البزي، قال: خرجت وأنا أريد الصلاة، فصحبت كعب بن عجرة، فنظر إلي، وأنا أشبك بين أصابعي، فقال: لا تشبك بين أصابعك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن نشبك بين أصابعنا في الصلاة فقلت: إني لست في صلاة، قال: أليس قد توضأت، وخرجت تريد الصلاة؟ قلت: بلى، قال: فأنت في صلاة.
والإسناد إلى الضحاك بن عثمان إسناد صحيح، وهذه متابعة على ذكر سعيد بن أبي سعيد، عن أبي ثمامة.
فما هو الراجح؟ فإن قيل: رواية أنس بن عياض والدراوردي أرجح لكونهما مدنيين، وأبو سعيد المقبري مدني، بخلاف أبي خالد الأحمر وعيسى بن يونس فهما كوفيان، وأهل البلد أدعى للضبط.
فالجواب: أن الضحاك بن عثمان مدني أيضًا. وقد تفرد سعد بن إسحاق بذكر الحديث من رواية أبي سعيد المقبري على اختلاف عليه، وقد رواه جماعة: منهم، ابن أبي ذئب، وابن عجلان، فقالوا فيه: عن سعيد بن أبي سعيد
وإن كان في رواية ابن عجلان اضطراب كثير، ولا شك أن اتفاق الضحاك بن عثمان، وأبي خالد الأحمر، وعيسى بن يونس، وابن أبي ذئب، وابن عجلان على ذكر سعيد بن أبي سعيد، ولم يذكر أحد منهم أبا سعيد المقبري إلا ما جاء في رواية سعد بن إسحاق على اختلاف عليه في ذلك يضعف رواية أنس بن عياض، الدراوردي، والله أعلم.
وعلى أي الاحتمالات ذهبت فإن طريق سعد بن إسحاق علته أبو ثمامة الحناط، وقد قال فيه الدارقطني: لا يعرف، متروك.
وقال الذهبي في المهذب (٣/ ١١٦٠): مجهول، لا يعرف إلا بهذا الحديث، وفيه نكارة.
الطريق الثاني: رواه ابن عجلان، واختلف عليه فيه:
فقيل: عنه، عن سعيد بن أبي سعيد، عن كعب بن عجرة.
أخرجه أحمد (٤/ ٢٤٢) قال: حدثنا قران بن تمام أبو تمام الأسدي.
وأخرجه أحمد أيضًا (٤/ ٢٤٣) من طريق شريك بن عبد الله. =

الصفحة 48