كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 1)

وأبي الحسن السياري من أصحاب الشافعية، ورواية عن الأوزاعي والحميدي.
الثاني: أن بعضهم لا يستحب الرفع عند تكبيرة الإحرام، وهو رواية عن مالك، حكاها عنه ابن شعبان، وابن خويز منداد، وابن القصار، ولهذا حكى ابن عبد البر الإجماع على جواز الرفع عند تكبيرة الإحرام، وكأنه عدل عن حكاية الإجماع على الاستحباب إلى الجواز لهذه القولة، قال العراقي: لكنها رواية شاذة، لا معول عليها (¬١).
وتضعيفها بالحكم عليها بالشذوذ لا يلغي إذا ثبتت هذه الرواية عن مالك أنها تخرق حكاية الإجماع على الاستحباب، وإن كان في الترجيح لا يلتفت إليها.
• دليل من قال: رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام فرض:
استدل ابن حزم بحديث مالك بن الحويرث،
(ح-١٢٣٤) فقد روى البخاري من طريق خالد الحذاء، عن أبي قلابة أنه رأى مالك بن الحويرث إذا صلى كبر ورفع يديه .... وحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع هكذا. رواه البخاري ومسلم، وهذا لفظ البخاري (¬٢).
وروى مالك بن الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ولمن معه: صلوا كما رأيتموني أصلي.
رواه البخاري ومسلم من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث (¬٣).
والأصل في الأمر الوجوب، وإذا وجب على مالك بن الحويرث ومن كان معه أن يصلوا كما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، كان ذلك واجبًا أيضًا على جميع الأمة؛ لأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم لواحد من الأمة أمر للجميع إلا أن يدل دليل على اختصاصه به.
ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ترك الرفع في هذا الموضع، بل جميع الأحاديث متفقة على الرفع في هذا الموضع.
• ويناقش:
بأن حديث مالك بن الحويرث إذا أخذ مفردًا عن ذكر سببه وسياقه أشعر بأنه
---------------
(¬١). انظر: طرح التثريب (٢/ ٢٥٦).
(¬٢). صحيح البخاري (٧٣٧)، وصحيح مسلم (٣٩١)، وانظر تمام الحديث في أدلة القول الأول.
(¬٣). صحيح البخاري (٦٣١)، وصحيح مسلم (٢٩٢ - ٦٧٤).

الصفحة 516