كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 1)

الدليل الرابع:
أن مع حديث مالك بن الحويرث وحديث وائل بن حجر زيادة على ما جاء في حديث ابن عمر، وأبي حميد الساعدي فيتعين الأخذ بالزائد.
• أجاب الجمهور عن أدلة الحنفية:
بأن أحاديث الرفع إلى المنكبين أرجح من حديث مالك بن الحويرث، ومن حديث وائل بن حجر، لأمور، منها:
الأول: أن الرفع إلى المنكبين اتفق عليه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر، كما سيأتينا إن شاء الله تعالى عند أدلة القول الثاني، وما اتفق عليه الشيخان أرجح من غيره، بينما الرفع إلى الأذنين من أفراد مسلم، فقد تجنب البخاري إخراج الرفع إلى الأذنين في صحيحه.
قال ابن عبد البر: «أثبت شيء في ذلك عند أهل العلم بالحديث حديث ابن عمر هذا، وفيه الرفع حذو المنكبين، وعليه جمهور الفقهاء بالأمصار، وأهل الحديث» (¬١).
فلا يشك من له معرفة بالأسانيد، أن حديث الزهري، عن سالم، عن ابن عمر أصح من إسناد قتادة، عن نصر بن عاصم، عن مالك بن الحويرث (¬٢).
---------------
= الزيادة، وإذا لم تثمر المقارنة ترجيحًا بين الرواة عنه فقدت الغاية من المقارنة، والله أعلم.
قال يحيى الذهلي كما في البدر المنير (٣/ ٤٨٨): سمعت أحمد بن حنبل يقول: هذا حديث واهٍ، قد كان يزيد بن أبي زياد يحدث به برهة من دهره لا يذكر فيه: (ثم لا يعود)، فلما لقن أخذه فكان يذكره فيه».
خلاصة الحكم على الحديث: أنه حسن، وأن زيادة (ثم لا يعود) زيادة ضعيفة؛ لأنه حدث بها بعد تغيره، وزياد بن أبي زياد وإن تكلم فيه من قبل حفظه، فلعل ذلك كان لتغيره كما قال يعقوب بن سفيان، قال في المعرفة والتاريخ (٣/ ٨١): «يزيد بن أبي زياد، وإن كان قد تكلم الناس فيه؛ لتغيره في آخر عمره، فهو على العدالة والثقة، وإن لم يكن مثل منصور، والحكم والأعمش، فهو مقبول القول ثقة».
وحديث الثقات عنه قبل تغيره ممن سمع منه هذا الحديث قبل قدومه الكوفة ليس بمنكر، فرفع اليدين حذاء الأذنين محفوظ من حديث مالك بن الحويرث، ووائل بن حجر، والله أعلم.
(¬١). التمهيد (٩/ ٢٢٩).
(¬٢). انظر المنتقى للباجي (١/ ١٤٣).

الصفحة 541