كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 1)

الثاني: أن الرواية إلى المنكبين لم يختلف على ابن عمر في ألفاظ الحديث، وقد اختلفت ألفاظ روايات الرفع إلى الأذنين، فحديث مالك بن الحويرث رواه البخاري ومسلم من طريق أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث، فذكر رفع اليدين ولم يذكر منتهى الرفع.
ورواه مسلم بلفظ: (حتى يحاذي بهما أذنيه) وفي رواية (إلى فروع أذنيه).
وفي رواية ثالثة خارج الصحيح: (قريبًا من أذنيه).
وأما حديث وائل بن حجر فأشهر الطرق إليه ثلاثة، علقمة بن وائل، عن أبيه، وهو أصحها، وحديثه في مسلم، وعبد الجبار بن وائل، عن أبيه، وهو منقطع، وعاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل، وله طرق كثيرة عن عاصم، إلا أن كثيرًا من طرقه فيها تفردات وزيادات شاذة، وسيأتي الإشارة إلى بعضها المتعلق بالمسألة في أدلة القول الثاني إن شاء الله تعالى، وعلى كل حال لا يمكن مقارنة حديث وائل بن حجر بحديث ابن عمر رضي الله عنهما، أو بحديث أبي حميد الساعدي.
قال ابن رجب في الفتح: «فمنهم من رجح رواية من روى الرفع إلى المنكبين؛ لصحة الروايات بذلك، واختلاف ألفاظ روايات الرفع إلى الأذنين، وهذه طريقة البخاري، وهي أيضًا ظاهر مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق عملًا بحديث ابن عمر، فإنه أصح أحاديث الباب، وهو أيضًا قول أكثر السلف، وروي عن عمر بن الخطاب» (¬١).
الثالث: أن الصحابة الذين رووا الرفع إلى المنكبين، أكثر عددًا، وأطول صحبة للنبي صلى الله عليه وسلم، ومعروفون بالفتوى والفقه، وكلها من وسائل الترجيح، قال الشافعي: روى هذا الخبر بضعة عشر نفسًا من الصحابة (¬٢).
فقد روى الرفع إلى المنكبين ابن عمر، وهو في الصحيحين، ومن حديث أبي حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينكروا عليه ذلك، وهو في صحيح البخاري، وجاء من حديث علي بن أبي طالب وأبي هريرة، وهما في سنن
---------------
(¬١). فتح الباري لابن رجب (٦/ ٣٣٩).
(¬٢). انظر: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (١/ ٢٣٧).

الصفحة 542