كتاب الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
=
ابن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يرفع يديه إذا كبر للصلاة حذو منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا قام من الركعتين فعل مثل ذلك.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى تضعيف الحديث، منهم الطحاوي في مشكل الآثار، وقد استندوا في التضعيف على أمور، منها:
العلة الأول: تفرد عبد الرحمن بن أبي الزناد، ومثله لا يحتمل تفرده، وقد تكلم فيه بعضهم.
فقد جرحه النسائي جرحًا شديدًا، فقال: ليس بثقة، وقال أيضًا: لا يحتج بحديثه.
وضعفه يحيى بن معين، وقال مرة: لا يحتج بحديثه، وقال ثالثة: ليس بشيء.
وقال أحمد: مضطرب الحديث.
وكان عبد الرحمن لا يحدث عن ابن أبي الزناد.
ويناقش هذا:
بأن موسى بن سلمة، سأل مالكًا حين قدم المدينة ممن تأمرني أسمع منه، فقال: عليك بابن أبي الزناد. وتكلم فيه مالك، وحمل بعض أهل العلم أن اختلاف قول مالك يرجع إلى اختلاف حديثه بين ما رواه عنه أهل المدينة، وما رواه عنه أهل بغداد،، وقد قسم بعض العلماء حديثه إلى أقسام:
القسم الأول: ما يعتبر من صحيح حديثه، وهو ما رواه ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة، قال ابن معين: أثبت الناس في هشام بن عروة عبد الرحمن بن أبي الزناد. تاريخ بغداد ت بشار (١١/ ٤٩٤).
ومنها ما رواه عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة، فقد ذكر الساجي عن ابن معين أنه حجة، قال المعلمي في التنكيل (٢/ ٣٤): «وظاهر الإطلاق أنه سواء في هاتين الحالين ما حدَّث به بالمدينة وما حدَّث به ببغداد. وهذا ممكن بأن يكون أتقنَ ما يرويه من هذين الوجهين حفظًا فلم يُؤَثِّرْ فيه تلقين البغداديين، وإنما أثَّر فيه فيما لم يكن يُتقِن حفظَه، فاضطرب فيه، واشتبه عليه».
القسم الثاني: ما يُشَكُّ أنه من حديثه، وهو ما حدث عنه أهل العراق؛ إذ أفسده البغداديون حيث كانوا يلقنونه، ما ليس من حديثه، فيحدث به، إلا ما رواه عنه سليمان بن داود الهاشمي البغدادي، قاله ابن المديني، وسيأتي نقل كلامه، وحديثنا هذا من حديث سليمان بن داود عنه.
القسم الثالث: ما رواه عنه أهل المدينة، فهو جزمًا من حديثه، ولكن ليس في الصحة بما رواه عن هشام بن عروة، أو عن أبيه، وليس من الضعف بما رواه أهل العراق عنه، فينظر في كل حديث بما يقتضيه البحث، والأصل أنه من قبيل الحسن ما لم ينفرد بأصل أو يخالف.
وهذا الحديث قد سمعه منه ابن وهب المصري في المدينة، وسمعه منه إسماعيل بن أبي أويس، وهو مدني، قال الحافظ ابن القيم في كتابه رفع اليدين في الصلاة ت العمران (ص: ١٢): «هذا الحديث صحيح؛ لأنه من رواية عبد الله بن وهب، وقد سمع منه بالمدينة».
وقد أطلق بعض العلماء على أن ما رواه أهل المدينة عن عبد الرحمن بن أبي الزناد فهو =

الصفحة 556